الأمر السادس : فيما يتعلّق بالمجيز ، ولا ينبغي التأمّل في أنّه يشترط في المجيز أن يكون حال الإجازة جائز التصرّف بالبلوغ والعقل والرشد لينفذ إجازته حتّى لو أجاز بيع ماله فضولاً بأقلّ من ثمن المثل في مرض موته بني نفوذه في الجميع أو في قدر الثلث على القولين في منجّزات المريض ، إلّا أنّ الكلام هنا في مسألة اخرى وهي أنّه هل يشترط في صحّة عقد الفضولي أن يكون له مجيز في الحال وهو من يملك الإجازة بمالكيّة أو ولاية أو لا؟ قولان ، استقرب أوّلهما العلّامة في القواعد (١) ونسبه في التذكرة (٢) إلى أبي حنيفة (٣) وإلى الشافعيّة (٤) أيضاً تفريعاً على القديم ، ونسب ثانيهما إلى جماعة كالشهيد (٥) وابن المتوّج البحراني (٦) والفاضل المقداد (٧) والمحقّق الثاني في جامع المقاصد (٨).
وفرّع العلّامة على ما اشترط أمّا لو بيع مال الطفل فبلغ وأجاز قال : «لم ينفذ على إشكال» ومراده أنّ وجوده حين العقد مع عدم قابليّته للإجازة لم ينفع ، إذ ليس المراد بوجود المجيز في الحال وجود ذاته بل وجوده بوصف القابليّة ، فلو تجدّد له القابليّة بعده ثمّ أجاز لم ينفع.
واورد عليه بأنّ الوليّ الجامع لشرائط الولاية قابل للإجازة كما أنّه قابل للبيع ، فالمجيز في الحال موجود سواء كان الوليّ إجباريّاً أو حسبيّاً مجتهداً كان أو عدول المؤمنين أو الفسّاق إن لم يكن عدول.
وردّ تارةً : بأنّه يعتبر في المجيز استمرار قابليّته من حين العقد إلى حين الإجازة ، ولا يستمرّ قابليّة الوليّ إلى حين الإجازة لزوال ولايته بعد بلوغ المولّى عليه.
وفيه منع.
واخرى : بأنّه لا يوجد له وليّ أصلاً حتّى الحسبي أو لا يمكن الوصول إليه أو لا يطّلع على ما وقع من البيع ليجيزه فلا يمكن إجازته ، وهو في معنى عدم قابليّته للإجازة.
__________________
(١) القواعد ٢ : ١٩.
(٢) التذكرة ١٠ : ١٥.
(٣) المجموع ٩ : ٢٩١ ، بدائع الصنائع ٥ : ١٤٩.
(٤) المجموع ٩ : ٢٦٠.
(٥) الدروس ٣ : ١٩٣.
(٦) نقله عنه في مفتاح الكرامة ١٢ : ٦٢١.
(٧) التنقيح ٢ : ٢٦.
(٨) جامع المقاصد ٤ : ٧٣.