ولا خفاء في ضعف الجميع :
أمّا الأوّل : فلمنع صدق الردّ عرفاً على الفعل المفروض عدم منافاته لصحّة العقد وعدم القصد به إلى إنشاء الردّ. ودعوى : أنّ الالتفات إلى العقد حال الفعل ظاهر في قصد الردّ ، يدفعها : منع الظهور لكونه أعمّ فإنّه قد يكون الباعث له على الفعل كراهته للعقد الّتي تقدّم عدم كونها ردّاً ، ولو سلّم الظهور أو قام قرينة مقام على القصد المذكور يتطرّق المنع إلى كفاية هذا الفعل وإن قصد به الردّ في تحقّق الردّ ورفع أثر العقد ، لما حكاه المستدلّ (١) من بعض معاصريه من ظهور دعوى الاتّفاق على اعتبار اللفظ في الفسخ ، ولذا استشكل العلّامة في القواعد (٢) في بطلان الوكالة بإيقاع العقد الفاسد على متعلّقها مع الجهل بفساده ، وعن الإيضاح (٣) وجامع المقاصد (٤) تقريره على الإشكال. وغاية ما هنالك بقاء شكّ في تأثيره في رفع أثر العقد وخروجه عن قابليّة التأثير ، والأصل عدمه.
وأمّا الثاني : فلمنع كون المانع في الردّ القولي ما ذكر ، بل خروج العقد عن قابليّة التأثير ، ومعه لا يقع الإجازة مؤثّرة ولا تصير الفاسد صحيحاً ، وكون الفعل المفروض مثله في إخراج العقد عن قابليّة التأثير أوّل المسألة.
وأمّا الثالث : فلمنع الفحوى والأولويّة ، فإنّ الوطء والبيع والعتق إنّما تدلّ على قصد الفسخ لتوقّفها على الملك ، فلا بدّ من إعادة الملك السابق برفع الملك اللاحق ولا يكون إلّا بقصد الفسخ ، بخلاف الفعل المفروض فإنّه لعدم منافاته صحّة العقد لا يتوقّف على الملك فلا يدلّ على قصد الفسخ. مآل الكلام إلى أنّ القدر المتيقّن من الردّ هو الردّ القولي ، وفي حكمه ما يفوّت محلّ الإجازة بحيث لا يصحّ وقوعها مؤثّرة من حين العقد.
المسألة الثانية : في أنّه إذا لم يجز المالك بالمعنى الأعمّ من فسخه العقد أو امتناعه من إجازته ، فإن كان ماله في يده فلا حكم له في الرجوع على المشتري ، كما أنّ المشتري إن لم يقبض الثمن على البائع الفضولي لا حكم له في الرجوع عليه. وإن كان في يد المشتري بإقباض البائع أو بقبض المشتري بنفسه من دون إقباضه فله انتزاعه
__________________
(١) المكاسب ٤ : ٤٨١.
(٢) القواعد ٢ : ٣٦٥.
(٣) الإيضاح ٢ : ٣٥٤.
(٤) جامع المقاصد ٨ : ٢٨٢.