وهو التسليط المجّاني على الإتلاف منصرف إلى ما عداها ، فهم أيضاً موافقون على استثنائها وإن لم يصرّحوا به في كلامهم.
المقام الثاني : في رجوعه عليه بما اغترم للمالك ـ من عوض المنافع المستوفاة والغير المستوفاة ، وقيمة النماءات المنتفع بها من لبن أو صوف أو ثمرة ، والنماءات التالفة تحت يده ، وزيادة قيمة عين المالك على تقدير تلفها الموجب للرجوع بالقيمة ـ أو للعين من نفقة أو مئونة عمارة أو اجرة خدمة أو حراسة أو نحو ذلك ، وعدمه.
فنقول : إنّه إن كان عالماً بالغصبيّة فالمصرّح به في كلامهم قولاً واحداً أنّه لا يستحقّ الرجوع عليه بما اغترم مطلقاً وقد يدّعى عليه الإجماع بقسميه ، لعدم الدليل عليه ، فالأصل عدم استحقاقه له كما أنّ الأصل براءة ذمّة البائع عمّا اغترمه. وليس لأحد أن يتوهّم قضاء قاعدة نفي الضرر باستحقاقه ، لأنّه بنفسه أقدم على ضرره وأدخله على نفسه حيث عرّض نفسه للغرامات مع علمه بالغصبيّة.
وإن كان جاهلاً ففيه من حيث عدم حصول نفع في مقابل ما اغترمه ـ كنفقة الدابّة ومئونة العمارة وزيادة القيمة ـ وحصول نفع في مقابله كعوض المنافع المستوفاة ونحوها مرحلتان :
المرحلة الاولى : فيما لم يحصل له في مقابله نفع ، والمعروف بين الأصحاب من غير خلاف يظهر أنّه يرجع على البائع بهذا النوع ممّا اغترمه ، وعن غصب الكفاية (١) والرياض (٢) نسبته إلى الأصحاب ، وفي مفتاح الكرامة (٣) كما عن شرح الإرشاد (٤) لفخر الإسلام دعوى الإجماع عليه ، وعن السرائر (٥) يرجع قولاً واحداً ، وعن المحقّق (٦) والشهيد (٧) الثانيين في كتاب الضمان نفي الإشكال عن ضمان البائع لدرك ما يحدثه المشتري إذا قلعه المالك.
وهو الحقّ الّذي لا محيص عنه ، لقاعدة الغرر فإنّ البائع لبيعه مال الغير من غير إعلام المشتري غيره أوقعه في هذه الغرامات والمغرور يرجع على من غرّ ، مضافاً إلى
__________________
(١) الكفاية : ٢٦٠.
(٢) الرياض ١٤ : ٤٦.
(٣) مفتاح الكرامة ١٢ : ٦٣١.
(٤) شرح الإرشاد للنيلي : ٤٧.
(٥) السرائر ٢ : ٤٩٣.
(٦) جامع المقاصد ٥ : ٣٤٠.
(٧) المسالك ٤ : ٢٠٥.