وأمّا القول بعدم الرجوع فلم نقف له على مستند ، ولعلّه الأصل بادّعاء عدم الدليل على استحقاق الرجوع ، وقد عرفت الدليل عليه فانقطع به الأصل.
والعجب عن صاحب الحدائق (١) حيث زعم أن لا رجوع للمشتري على البائع بشيء سوى الثمن ، واستند في ذلك إلى أنّه لم يذكر شيء من ذلك في خبر زريق المتقدّم مع كونه في مقام بيان.
واجيب عنه : بأنّ من لحظ الخبر ظهر له أنّه عليهالسلام إنّما كان جوابه فيما سأله السائل على وفق سؤاله ، ولم تكن همّة السائل في فقرات سؤاله إلّا في تخليص نفسه وتفريغ ذمّته من حقّ المالك ، ومن المعلوم أنّه لو لم يسأله ثانياً وثالثاً لاقتصر عليهالسلام على جوابه الأوّل ، أتراك تقدر أن تقول بأنّه عليهالسلام لو اقتصر على جوابه الأوّل ليس للمالك إلّا أخذ معيشته ، كلّا ولا يظنّ بأحد أن يتفوّه بذلك.
فروع :
الأوّل : لا يعتبر في رجوع المشتري على البائع بما اغترم علم البائع بأنّه مال الغير أو أنّه غير مأذون ولا وكيل ، فلو باعه باعتقاد أنّه مال نفسه أو باعتقاد المأذونيّة أو الوكالة فبان الخلاف ضمن ما اغترمه المشتري للمالك كما هو الظاهر من إطلاق أكثر الفتاوي وصريح العناوين ، حيث إنّه في بيان تفصيل قاعدة الغرور قال : «وأمّا لو كان عالماً ولم يكن قاصداً للتغرير ولكنّه أثّر فعله في الغرور فالظاهر صدق الغارّ عليه ، وأمّا لو كان جاهلاً بالواقع كمن اعتقد أنّه مال نفسه فبذله لغيره فتبيّن أنّه مال الغير فهل يصدق عليه الغارّ أم لا؟ احتمالان. ومثله ما لو زعم أنّه مأذون في الدفع أو اعتقد أنّه وكيل أو نحو ذلك من الطرق الرافعة للضمان باعتقاده فبان خطؤه ، والّذي يقوى في النظر حينئذٍ أنّ ذلك أيضاً يعدّ غروراً ، فإنّ فعله قد غرّ الآخذ» (٢) ويظهر ذلك أيضاً من شيخنا في الجواهر حيث قال : «لتعميم الضمان من جهة قاعدة الغرور وإن لم يقصد التغرير» (٣) خلافاً لما في مستند النراقي من تخصيصه الضمان بصورة علم البائع «بأنّه مال الغير لتحقّق التغريم والتدليس» (٤).
__________________
(١) الحدائق ١٨ : ٣٩٣ ـ ٣٩٤.
(٢) العناوين الفقهيّة ٢ : ٤٤١.
(٣) الجواهر ٢٢ : ٣٠١.
(٤) المستند ١٤ : ٢٩٦.