لم يؤخذ منه تلك الزيادة ، والمالك إنّما أخذ منه عين ماله. ولو كان العين المبتاعة ما يساوي قيمته عشرين وقد باعها البائع بعشرة فتلفت في يد المشتري وغرمه المالك بعشرين فلا إشكال في أنّه يرجع على البائع بعشرة ثمنه ، وهل يرجع بالعشرة الزائدة أيضاً لأنّه ممّا اغترمه للمالك أو لا؟.
فقد يقال : بعدم الرجوع لأنّه إنّما أقدم على ضمان العين وأن يكون تلفه منه ، كما هو شأن فاسد كلّ عقد يضمن بصحيحه ، ومع الإقدام لا غرور ولذا لم نقل به في العشرة المقابلة للثمن.
وفيه : أنّه فرق واضح بين المقبوض بالعقد الفاسد وما نحن فيه ، إذ لا غرور في الأوّل أصلاً فيكون إقدامه على ضمان العين مؤثّراً في ضمانه للقيمة الواقعيّة وهي عشرون ، فلا يأخذ العشرة المدفوعة إلى البائع ثمناً ، ويردّ إليه العشرة الاخرى الزائدة على الثمن ، بخلاف ما نحن فيه فإنّه وإن كان أقدم على أن يكون العين في ضمانه فيضمن مع التلف قيمته الواقعيّة وهي عشرون ، غير أنّ إقدامه بالنسبة إلى العشرة الزائدة مسبّب عن غروره من البائع فيرجع بها أيضاً على من غرّه ، مضافاً إلى أنّ اغترامه لها ضرر عليه مسبّب عن البائع أيضاً فيضمنها له من جهة تسبيبه.
ولو فرض أنّ المالك أخذ من المشتري عشرين قيمة المبيع التالف في يده من غير أن يكون دافعاً للثمن إلى البائع حين قبض المبيع فإنّه حينئذٍ لا يرجع عليه بعشرة الثمن ، وإلّا لزم أن يكون تلفه من مال البائع من دون أن يغرمه في ذلك ، لأنّه لو فرض صدق البائع في دعوى الملكيّة لم يزل غرامته للبائع للثمن بإزاء المبيع التالف فهذه الغرامة للثمن لم ينشأ عن كذب البائع ، وأمّا العشرة الزائدة فإنّما جاء غرامتها من كذب البائع في دعواه فحصل الغرور فوجب الرجوع ، هذا إذا كانت زيادة القيمة موجودة حال العقد ، ولو تجدّدت بعده فالحكم بالرجوع فيها أولى منه في الزيادة الموجودة حال العقد.
وحكم ما يغرمه بإزاء الأجزاء في التلف حكم المجموع فيرجع في الزائد على ما يقابل ذلك الجزء من الثمن لا فيما يقابله ، وفي حكم الأجزاء أوصاف العين الّتي يتفاوت بها القيمة إذا زالت عند المشتري فرجع المالك عليه بالتفاوت ، كما لو كان عبداً كاتباً أو صانعاً فنسي الكتابة أو الصنعة فيرجع المشتري أيضاً على البائع بما اغترمه