ومثل ما عن فخر الدين (١) والشهيد (٢) أنّهما حكيا عن العلّامة أنّه ذكر في درسه من أنّه لا مانع من ضمان الاثنين على وجه الاستقلال ، قال : «ونظيره في العبادات الواجب الكفائي وفي الأموال الغاصب من الغاصب.
وهذا غير مفهوم المراد ، إذ لو أراد من ضمان الاثنين على وجه الاستقلال ضمان كلّ على وجه يتعدّد المال المضمون فهو محلّ الإشكال. وتنظيره بالغاصب من الغاصب غير صحيح ، لأنّه من أفراد المسألة. وتوهّم : إرجاعه إلى ما عليه العامّة من باب الضمان من جعله ضمّ ذمّة إلى ذمّة اخرى فاسد ، لأنّه خلاف ما أجمع عليه الأصحاب من جعله عبارة عن نقل المال عن ذمّة إلى ذمّة اخرى لإجماعهم على بطلان الأوّل ، تعليلاً بأنّ المال الواحد لا يتعدّد على حسب تعدّد الذمم.
وإن أراد منه ضمانهما على وجه يتعدّد الخطاب بالردّ وإن لم يتعدّد معه المال ، فهو في نفسه وإن كان صحيحاً وتنظيره بالواجب الكفائي وإن كان لا ضير فيه غير أنّه مجمل لم يتعرّض فيه لبيان كيفيّة كلّ واحد على وجه الاستقلال بحيث لا يتعدّد معه المال.
ومن مشايخنا من قال : «معنى كون العين المأخوذة على اليد كون عهدتها ودركها بعد التلف عليه ، فإذا فرض أيدي متعدّدة تكون العين الواحدة في عهدة كلّ من الأيادي ، لكن ثبوت الشيء الواحد في العهدات المتعدّدة معناه لزوم خروج كلّ منها عن العهدة عند تلفه ، وحيث إنّ الواجب هو تدارك التالف الّذي يحصل ببذل واحد لا أزيد ، كان معناه تسلّط المالك على مطالبة كلّ منهم الخروج عن العهدة عند تلفه ، فهو يملك ما في ذمّة كلّ منهم على البدل ، بمعنى أنّه إذا استوفي في أحدها سقط الباقي لخروج الباقي عن كونه تداركاً لأنّ المتدارك لا يتدارك ... إلى أن قال : ويتحقّق ممّا ذكرنا أنّ المالك إنّما يملك البدل على سبيل البدليّة إذ يستحيل اتّصاف شيء منها بالبدليّة بعد صيرورة أحدها بدلاً عن التالف واصلاً إلى المالك» (٣) انتهى.
ولا بأس بشرح بعض فقرات كلامه قدسسره ليتّضح به مرامه ثمّ اتباعه بما يتوجّه إليه ، فنقول : إنّ الظاهر في عطف «دركها» على «عهدتها» عدم كونه عطف تفسير كما يوهمه
__________________
(١) الإيضاح ٢ : ٨٩.
(٢) لم نعثر عليه في كتبه.
(٣) المكاسب ٣ : ٥٠٥ ـ ٥٠٧.