وإنّما اعتبر في التقويم نسبة قيمة أحد المالين كمال البائع إلى مجموع القيمتين لا إلى نفس الثمن وأخذ القيمة منه بتلك النسبة ، لئلّا يفتقر إلى تقويمين تحرّزاً عن الإجحاف والظلم بالنسبة إلى البائع أو إلى المشتري ، فإنّ الثمن المسمّى قد ينقص عن مجموع القيمتين وقد يزيد عليه ، فلو اخذ قيمة المملوك على حسب نسبتها إلى الثمن لا إلى مجموع القيمتين لزم أن يخرج من المشتري إلى البائع شيء بلا عوض على الأوّل ، وأن يبقى من حقّ البائع شيء عند المشتري ، ومثاله ما لو كان الثمن أربعين وقوّم مال البائع بعشرين والمال الآخر بثلاثين ومجموعهما خمسون ، ونسبة عشرين إلى خمسين خمسان ، فلو أخذ البائع من الثمن على حسب تلك النسبة كان حصّته ستّة عشر خمسي أربعين ، ولو أخذ على حسب نسبة عشرين إلى أربعين كان حصّته تمام عشرين ، وهو يزيد على الأوّل بأربعة وهو من مال المشتري يخرج إليه بلا عوض ، أو كان الثمن ستّين مع كون قيمة كلّ من المالين كما ذكر ، فلو أخذ البائع من الثمن على حسب نسبة عشرين إلى خمسين كان حصّته أربعة وعشرين خمسي ستّين ، ولو أخذ على حسب نسبة عشرين إلى الثمن كان حصّته عشرين ثلث ستّين فيبقى من حقّه في ذمّة المشتري أربعة فيلزم الظلم بالنسبة إليه.
وأيضاً فلو قسّط الثمن على حسب ما قوّم المملوك بأن يأخذ البائع من الثمن عين قيمة ماله من دون مراعاة النسبة لزم ـ مضافاً إلى الإجحاف ـ التنازع ، وذلك لأنّ قيمة مال البائع بعد عدم إجازة المالك قد تساوى الثمن ، وقد تزيد عليه ، وقد تنقص منه.
فعلى الأوّل لو كانت العبرة بعين القيمة يلزم الإجحاف على المشتري لو قلنا بأنّه لا يرجع بما يقابل قيمة ما لم يجز البيع فيه من المبيع ، لخروج جزء من ثمنه بلا عوض وهو الّذي دفعه في مقابل الجزء الغير المجاز من المبيع ، ولو قلنا بأنّه يرجع لزم التنازع فيما لو كان قيمة كلّ من المالين عشرة والثمن المسمّى أيضاً عشرة ، ولو خصّص العشرة لزم الترجيح بلا مرجّح ، مضافاً إلى أنّه لو خصّصناه بالمشتري لزم مع الإجحاف على البائع الجمع بين العوض والمعوّض ، لأنّه يأخذ مال البائع ويمنعه من عوضه وهو جمع بين العوض والمعوّض ، بل يلزم التنازع على تقدير إجازة المالك مضافاً إلى لزوم الترجيح بلا مرجّح لو خصّص بأحدهما.