لا يتموّل بانفراده وأجازه المالك ، فلا يلزم إجحاف على البائع لو كرّر ماله مع ملك الغير مراراً حتّى يبلغ ملك الغير مبلغ الماليّة ، فينسب قيمة مبلغ مال البائع إلى مجموع القيمتين فيأخذ البائع من الثمن على حسب تلك النسبة ، فما بقي منه فهو حصّة المالك. هذا كلّه على تقدير عدم مدخليّة الهيئة الاجتماعيّة في زيادة القيمة.
فأمّا إذا كان لها مدخليّة في زيادة القيمة ، فلا كلام ظاهراً لأحد في أنّ طريق التقسيط فيه على تقدير إجازة المالك كما تقدّم من تقويم كلّ واحد منفرداً ونسبة قيمة أحدهما إلى مجموع القيمتين والأخذ من الثمن على حسب تلك النسبة ، وإنّما الكلام في صورة عدم إجازة المالك فاختلف الأصحاب في أنّ طريق التقسيط هل هو أن يقوّم كلّ منهما منفرداً تنسب قيمة أحدهما إلى مجموع القيمتين ويؤخذ من الثمن بتلك النسبة ـ كما عن جامع المقاصد (١) والميسيّة (٢) والمسالك (٣) والروضة (٤) والرياض (٥) والحدائق (٦) ـ أو أن يقوّما مجتمعين وتنسب قيمة أحدهما إلى قيمة المجموع ويؤخذ من الثمن بتلك النسبة كما عن آخرين؟
ويظهر الثمرة في زيادة حصّة البائع من الثمن ونقصانها ، إذ على الطريق الأوّل يزيد حصّته منه عليها على الطريق الثاني ، فلو كان قيمة المجموع اثني عشر مثلاً وقوّم كلّ منهما بأربعة ونصف ، والثمن ستّة ومجموع القيمتين تسعة ، فلو أخذ البائع من الثمن على حسب نسبة أربعة ونصف إلى التسعة كان حصّته ثلاثة نصف الستّة ، ولو أخذ منه على حسب نسبة أربعة ونصف إلى اثني عشر كان حصّته اثنين وربعاً ربع الستّة ونصف ربعه ، لأنّه نسبة قيمة ماله إلى اثني عشر قيمة المجموع.
ولو قوّما منفردين على التفاوت ، بأن كان قيمة مال البائع منفرداً ثلاثة ، وقيمة المال الآخر ستّة ، كان مجموع القيمتين أيضاً تسعة ، فالبائع إذا أخذ من الثمن بمقتضى نسبة الثلاثة إلى التسعة وهو الثلاث كان حصّته منه اثنين ثلث الستّة ، وإذا أخذ منه بمقتضى نسبته إلى اثني عشر وهو الربع كان حصّته منه واحداً ونصفاً ربع الستّة ، فمرجع قول الأوّلين إلى أنّ البائع يستحقّ من الثمن على تقدير عدم إجازة المالك قدر ما يستحقّه
__________________
(١) جامع المقاصد ٤ : ٧٨.
(٢) نقله عنه في مفتاح الكرامة ١٢ : ٦٤٧.
(٣) المسالك ٣ : ١٦٢.
(٤) الروضة ٣ : ٢٣٩ ـ ٢٤٠.
(٥) الرياض ٨ : ٢٣٢. (٦) الحدائق ١٨ : ٤٠٢.