الهيئة للمشتري بإجازة مالك أحد المالين حصل له ملكها فيستحقّ عليه البائع والمجيز ما يقابلها من الثمن ، وإذا لم تسلم له الهيئة بعدم إجازة مالك أحد المالين سقط ملكها فيسقط ما يقابلها من الثمن.
لأنّا نقول : إنّ ملك شيء بعد العقد تابع لملكه قبل العقد ، فإنّ الشيء ما لم يكن ملكاً للبائع قبل العقد كيف يصير ملكاً للمشتري بعده ، وبالجملة ملك الشيء للمشتري بعد العقد تابع لكونه ملكاً للبائع قبل العقد ، فإنّ المشتري يتلقّى الملك من البائع كما يقتضيه أيضاً تعريف البيع بنقل العين أو انتقالها ، فإنّ البائع ينقل إلى المشتري ملك عينه لا ذات عينه ، وقد فرضنا أنّ الهيئة الاجتماعيّة قبل العقد لم تكن مملوكة لأحد ولو بحكم الأصل.
لا يقال : نفي مملوكيّة الهيئة الاجتماعيّة قبل العقد ممّا يبطله دليل الخلف ، لأنّ مفروض المسألة مدخليّة الهيئة الاجتماعيّة في زيادة القيمة ، فإنّ قضيّة هذه المدخليّة أن تقع زيادة القيمة في مقابلتها ، ولا يستقيم ذلك إلّا إذا كانت الهيئة مملوكة ، وإلّا بطل ما فرض من مدخليّة الهيئة الاجتماعيّة في زيادة القيمة.
لأنّا نقول : ليس المراد من مدخليّة الهيئة في زيادة القيمة أنّها معتبرة على وجه الموضوعيّة حتّى يقابلها جزء من الثمن ، بل الزيادة حاصلة في قيمة العينين بسببها فهي معتبرة على وجه الداعي ، والسرّ فيه أنّ اختلاف قيمة الشيء كثرة وقلّة إنّما هو باعتبار اختلاف رغبات الناس فيه كثرة وقلّة ، وهو باعتبار الاختلاف في حصول الفائدة المقصودة وعدم حصولها ، وكلّ ما يحصل به الفائدة المقصودة منه تكثر الرغبة في اشترائه فيكثر قيمته ، وكلّما لا يحصل به الفائدة المقصودة منه يقلّ الرغبة في اشترائه فيقلّ قيمته.
ومن هذا القبيل مصراعا الباب وزوجا الخفّ وغيرهما ممّا للهيئة الاجتماعيّة فيه مدخليّة في زيادة القيمة ، فإنّ الفائدة المقصودة من الباب شيء لا يحصل إلّا بمجموع مصراعيه وهو سدّ المدخل والمخرج ، ومن الخفّ شيء لا يحصل إلّا بمجموع زوجيه وهو ستر الرجلين وحفظ الأذى عن باطن القدمين ، فيكثر الرغبة في اشتراء الباب بمجموع مصراعيه فيكثر قيمتهما ، وفي اشتراء الخفّ بمجموع جزئيه فيكثر قيمتهما ،