بخلاف أخذ جزء كلّ منهما فإنّه لعدم حصول الفائدة المقصودة يقلّ الرغبة في اشترائه فيقلّ قيمته ، وكم من هذا القبيل في الأشياء ، ومنها العقارات كالدار والحانوت والبستان وما أشبه ذلك ، فإنّ الدار إذا بيعت بجميع أجزائها يكثر الرغبة في اشترائها فيكثر قيمتها ، بخلاف ما إذا بيع نصفها أو ثلثها أو ربعها مثلاً ، فإنّه لقلّة الرغبة في اشترائه يكون قيمته أقلّ ممّا يقابله من القيمة المبذلة في مقابل الكلّ.
وممّا يرشد إلى ما بيّنّاه من أنّ اعتبار الهيئة الاجتماعيّة إنّما هو على وجه الداعي لا على وجه الموضوعيّة فلا يقابلها جزء من الثمن أنّها كما قد تكون لها مدخليّة في زيادة قيمة العينين ، فكذلك قد تكون لها مدخليّة في نقصان قيمة العينين كالجارية وامّها أو اختها إذا تساوت قيمتاهما منفردتين مع لزوم هلاكة كلّ منهما بالتفريق على الفرض ، فالبائع لا يبيعهما إلّا مجتمعتين والمشتري لا يرغب إلّا في اشتراء إحداهما فلا محالة ينقص قيمة منهما ببيعهما معاً ، كأن يكون كلّ منهما منفردة عشرة وقيمة مجموعهما خمسة عشر مثلاً ، وكما أنّ النقص بسبب الهيئة الاجتماعيّة حصل في قيمة كلّ من العينين ، فكذلك الزيادة الحاصلة بسببها حصلت في قيمة كلّ من العينين.
وقد تكون لها مدخليّة في زيادة قيمة أحدهما دون الآخر كالجارية وولدها الرضيع مع كونه لغير البائع مثلاً فإنّ الامّ قيمتها مع الانفراد ومع الانضمام إلى الولد واحدة ، ولكن قيمة الولد تزيد إذا بيع منضمّاً إلى الامّ بخلاف ما لو بيع منفرداً ، وليس لأحد أن يقول : إنّ الزيادة هنا تقع في مقابلة الهيئة الاجتماعيّة ، لضرورة أنّها زيادة في قيمة الولد لكونه مع الامّ ، كما لو كان قيمة كلّ منهما منفرداً أربعة ونصفاً ، وقيمتهما مجتمعين اثنى عشر مع كون الزائد على التسعة الّذي هو مجموع القيمتين زيادة في قيمة الولد والثمن ستّة.
ويشكل الحال في نحو هذه الصورة لو بنى كيفيّة التقسيط على ما تقدّم ، من ملاحظة نسبته قيمة أحد المالين إلى مجموع القيمتين بعد تقويم كلّ منهما منفرداً ، للزوم الظلم على الغير على تقدير إجازته وعلى المشتري على تقدير عدم الإجازة ، من جهة شركة البائع في الزيادة المفروض كونها زيادة في قيمة مال الغير فهي إمّا للبائع وحده أو للمشتري كذلك ، ولم نجد لأصحاب القول بنسبة أحد المالين إلى مجموع القيمتين