المال بحكم تلف عينه ، فالقاعدة تقتضي نفيه ، وأمّا إذا لم يوجب ذلك بل أوجب إقدام أحد تلف الماليّة ونقص القيمة فالقاعدة لا تقتضي نفيه.
مثلا إذا أحدث خانا في مقابل خان الآخر ، أو أرخص سعر ماله بحيث أوجب ذلك نقص قيمة خان الآخر ، أو يتوجّه بسببه ضرر ماليّ على الآخر ينزّل قيمة ماله ، فالقاعدة لا توجب رفع سلطنته عن ماله لدفع الضرر المالي عن الآخر ؛ لأنّه خلاف الإرفاق والامتنان في حقّه ، فيوجب الترجيح بلا مرجّح فيلزم الضرر عليه ، بخلاف ما لو أحدث بالوعة ـ مثلا ـ في ملكه بحيث أوجب فساد جدار الجار وفساد داره ، فالقاعدة تمنعه عن هذه السلطنة الموجبة لتلف المال عن الآخر.
فعلى ذلك ؛ فلا سبيل إلى تغريم الغابن وإثبات شيء عليه ، لأنّه خلاف الإرفاق والامتنان في حقّه كذلك.
إذا عرفت هذه المقدّمة ؛ فأقول : على ما استفدت من كلامه ـ دام ظلّه ـ لا مجرى للاحتمال الأوّل المذكور في كلام الشيخ قدسسره ، وكذلك يظهر بطلان الاحتمال الثاني (١) بمعنى أنّ مقتضى القاعدة هل هو رفع الضرر أم دفعه؟
فإن التزمنا بكونه أمرا بقائيّا ، فما دام لم يستقرّ فالحديث لا يرفعه ، فيكون الاحتمال الثاني في كلام الشيخ قدسسره وهو إثبات التخيير للغابن (٢) متعيّنا ، لأنّ بسبب التدارك وإقدامه على إعطاء الغرامة لا يبقى بعد ضرر حتّى يرفع بهذا الحديث.
__________________
(١) مع ضمّ مقدّمة اخرى إلى ذلك (كون الضرر أمرا حدوثيا أم بقائيا) ، وهي أنّه هل الضرر أمر حدوثي أم بقائي؟ «منه رحمهالله».
(٢) المكاسب : ٥ / ١٦٢.