وإلاّ تغفر لي وترحمني أكن من الخاسرين ) (١). (٢)
أمّا في مواضع أخرى تجد دعاءه قصيراً سريعاً يوافق طريقة عرض الآيات في السورة وأسلوبها كما في سورة القمر قال تعالى : ( فدعا ربّه أنّي مغلوب فانتصر ) (٣) أو قد لا ينصّ على دعائه أصلاً وتكتفي الآية بالإشارة إليه كما في قوله تعالى : ( ونوحاً إذ نادي من قبل فاستجبنا له فنجّيناه وأهله من الكرب العظيم ) (٤) وما في ذلك من تفنّن في التعبير وتجديد لخواطر النفس التي تحس في كلّ مكان من القرآن تناسقاً موضوعيّاً عجيباً يطابق واقع السورة من جهة وحال القصة المعروضة في فقراتها المختلفة على مستوى القرآن كلّه من جهة ثانية.
وأهم ما يلحظ في أدعية نوح دعاؤه على قومه فقد وردت جميعها مبينة لحاله معهم ومعاناة منهم فسترى أنّ معظمها دعاء عليهم وتعريضاً بكفرهم وجحودهم ولعلّ في سورة نوح أوضح مثال على ذلك فإنّك أوّل ما تلمس من هذه السورة شكوى نوح من قومه ودعاءه عليهم وهو في ذلك يجاري أغلب ما نقل عنه من الدعاء في القرآن الكريم قال تعالى : ( وقال نوح ربّ لا تذر على الأرض من الكافرين ديّاراً * إنّك إن تذرهم يضلّوا عبادك ولا يلدوا إلاّ فاجراً كفّاراً ) (٥).
ولا ريب في أنّ نوحاً قدّم قبل دعائه عليهم كلّ ما يبررها
__________________
(١) سورة هود : ١١ / ٤٥ ـ ٤٧.
(٢) ظ : في السياق عينه. المؤمنون : ٢٣ / ٢٨ ـ ٢٩.
(٣) سورة القمر : ٥٤ / ١٠.
(٤) سورة الأنبياء : ٢١ / ٧٦
(٥) سورة نوح : ٧١ / ٢٦ و ٢٧.