ويتجلّى لنا من نوع دعاء الكافرين صورة ما هم فيه من سوء الحال والحسرة والانكسار والذلّة التي لا توصف أبان عنها دعاؤهم الذي تجد فيه صدى نفوسهم الضالّة المعذّبة والله أعلم.
خامساً ـ دعاء إبليس ( عليه اللعنة ) :
تكرّر دعاء إبليس ( لعنه الله ) في سور ثلاث تشابه في اثنين منها هي قوله تعالى : ( قال ربّ فأنظرني إلى يوم يبعثون * قال فإنّك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم ) (١) ومن الواضح أن تأخير إبليس وإنظاره قد أجيب ولكن ليس كما أراد هو إلى يوم البعث يعني يوم القيامة « وهو يوم بعث لا يوم موت » (٢) لذا فعندما طلب إنظاره إلى يوم القيامة أراد بذلك الخلاص من الموت وهذا ما لا سبيل لمخلوق على تحقيقة إذ إن ذلك يعني خلوده حتى يوم الحساب جاء في جامع اليان : « إنّه سائل النظرة إلى قيام الساعة وذلك هو يبعث الخلق ولو أعطي ما سأل من النظرة كانقد أعطي الخلود وبقاء لا فناء معه وذلك أنّ لا موت بعد البعث فقال جلّ ثناؤه له : ( فإنّك من المنظرين * إلى يوم الوقت المعلوم ) وذلك إلى يوم قد كتب الله عليه فيه الهلاك والموت والفناء » (٣).
وفي دعاء إبليس في القرآن الكريم دلالة واضحة على عدائه للإنسان فقد طلب إمهاله « لا ليندم على خطيئته في حضرة الخالق العظيم ولا ليتوب إلى الله ويرجع عن إثمه الجسيم ولكن لينتقم من آدم وذريته جزاء لعنه وطرده من
__________________
(١) سورة الحجر : ١٥ / ٣٦ ـ ٣٨ وسورة ص : ٣٨ / ٧٩ ـ ٨١.
(٢) التبيان ٣٦١ : ٤.
(٣) جامع البيان ١٣٢ : ٨ ظ : مفاتيح الغيب ٢٣٤ : ٢٦.