التمييز (١).
والغالب عندي ـ والله أعلم ـ أن المعينيين علي تقاربهما يمكن أن نلحظ في دلالة الاستغاثة سعة أكثر منه في الاستعانة وكلاهما طلب وبمحلان علي الدعاء أيضاً إلاّ أن الاستغاثة «طلب الواقع في بلية» (٢) قال تعالي : ( .. وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشّراب وساءت مرتفقاً ) (٣) واكثر ما تجي الاستغاثة في طلب « النصرة » (٤) قال تعالي : ( ... فاستغاثه الّذي من شيعته علي الّذي من عدوّه ... ) (٥) وقال جلّ ذكره : ( إذ تستغيثون ربّكم فاستجاب لكم أنّي ممدّكم بألفٍ من الملائكة مردفين ) (٦).
والاستجابة السريعة في هذه الآية ـ وفي الاستغاثة عموماً ـ إشارة إلي أن الاستغاثة انتشال من أمر عظيم فقد الطالب ـ المستغيث ـ فيه أمله بقدراته وعلّقها بمغيثه.
أما الاستعانة فالظاهر فيها ـ والله أعلم ـ الطلب والدعاء إلاّ أنّ حال الطالب يكون أقلّ شدّة من المستغيث فليس هناك بلاء واقع علي المستعين وإنّما يكون الطلب زيادة في إكمال الأمر المستعان عليه كما يظهر من قوله تعالي : ( قال ما مكّنّي فيه خير فأعينوني بقوّة أجعل بينكم وبينهم ردماً ) (٧) ومما
__________________
(١) بصائر ذوي التمييز ٦٠١ : ٢.
(٢) لسان العرب : مادة (غوث).
(٣) سورة الكهف : ٢٩ / ١٨.
(٤) ظ : معجم مفردات القرآن / الراغب (ت / ٥٠٢ه) : ٣٧٩.
(٥) سورة القصص : ٢٨ / ١٥.
(٦) سورة الأنفال : ٨ / ٩.
(٧) سورة الكهف : ١٨ / ٩٥.