كثيرة تتحقق فيها مظاهر الدعاء وأركانه في مضامينها وسياقها مما جعلنا نعدّها دعاء فضلاً عن أصلها اللغوي ومعناها الاصطلاحي الذي سوّغ لنا ذلك وهدانا إلي استكشاف أبعادها الدلالية التي أسمهت ـ إلي حد بعيد ـ في إظهار ما ندهب إليه من تقارب روافدها مع الدعاء بل واشتراك استعمالها قرآنياً بمعاني الدعاء الأمر الذي حدا بالبحث إلي أن يلتمس بذائقته بعضاً من تلك الألفاظ ويتتبعها كي تتكامل الظاهرة الدعائية ـ كما نرى ـ وترتسم معالمها لفظاً ومعني علي مستوي النص القرآني وأول هذه الألفاظ :
الصلاة :
تنقسم معاني الصلاة في أصلها اللغوي علي معانٍ أربعة نستعرضها بإيجاز ونبيّن ما ذهبنا إليه.
المعني الأوّل : أن الصلاة مأخوذه من الصلا «وهو مغرز الذنب من الفرس والاثنان صلوان» (١) والصلا في الإنسان «العظم الذي عليه الإليتان وهو آخر ما يبلي من الإنسان في القبر» (٢) وأطلقت الصلاة علي حركة رفع الصلا في الركوع والسجود لدي المصلي.نقل هذا المعني الزمخشري في كشافه (٣) إلاّ أن الرازي أنكر هذا المعني وعابه في قوله : «إن الاشتقاق الذي ذكره صاحب الكشاف يفضي إلي طعن عظيم في كون القرآن حجة وذلك لأن لفظ الصلاة من أشد الألفاظ شهرة وأكثرها دوراناً علي ألسنة المسلمين ، واشتقاقه من تحريك الصلوين من أبعد الأشياء واشتهاراً بين أهل النقل» (٤).
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن / القرطبي ٨٨ : ٣.
(٢) جمهرة اللغة : مادة ( صلي ).
(٣) الكشاف / الزمخشري ١٠٠٠ : ١.
(٤) مفاتيح الغيب ٣٣ : ٢.