التضرّع :
وفي هذا اللفظ معني الدعاء على الرغم من كونه حالة من حالات الداعي إلاّ أنّنا يمكن أن نلحظ في التضرّع دعاء من خلال أصله اللغوي واستعماله القرآني.
فالتضرّع لغة : يأتي لمعان كثيرة هي : التذلّل والخشوع ، والابتهال ، والتلوي ، والاستغاثة (١) وفي هذا المعني قال الأحوص :
كفرت الذي أسدوا إليك ووسّدوا |
|
من الحسن إنعاماً وجنبك ضارع (٢) |
ويمكن حمل ضارع في قوله علي المعاني السابقة.
والتضرّع بآياته الست التي ورد فيها في القرآن الكريم اقترن أربع منها بالتعريض بالأقوام التي لم تنهج طريق الدعاء ولم تقر بالذلة لله تعالى ، والتي ترجع بعد البأساء والضراء إلي الإشراك والعنت ولا ينفعها ـ حينذاك ـ تضرّعها ودعاءها قال تعالى : ( ولقد أرسلنا إلي أمم من قبلك فأخذناهم بالبأساء والضّرّاء لعلّهم يتضرّعون فلولا إذ جاءهم بأسنا تضرّعوا ولكن قست قلوبهم وزيّن لهم الشّيطان ما كانوا يعملون ) (٣) يقول القرطبي في حديثه حول الآية الكريمة « وهذا عتاب على ترك الدعاء وإخبار عنهم أنّهم لم يتضرّعوا حين نزول العذاب ، ويجوز أن يكونوا تضرّعوا تضرّع من لم يخلص أو تضرّعوا حين لابسهم العذاب والتضرّع علي هذه الوجوه غير نافع ، والدعاء مأمور به حال الرخاء والشدّة » (٤).
__________________
(١) ظ : لسان اعرب : مادة ( ضرع ).
(٢) ديوان الأحوص : ١٣٠.
(٣) سورة الأنعام : ٦ / ٤٢ و ٤٣.
(٤) الجامع لأحكام القرآن ٤٢٥ : ٦ ظ : مجمع البيان٦٧ : ٤ مفاتيح الغيب ٢٢ :