مع بعضها وخروجها من معانيها الرئيسة إلى معان أخر فالخبر ـ مثلاً ـ يقع موقع الإنشاء كما يقع الإنشاء موقع الخبر.
والتداخل في أقسام الكلام العربي يخدم المعاني والأغراض التي هي مراد المتكلم فضلاً عما يزيده تنوع أشكاله قوة في دلالة من دون خلل أو زلل يؤذي المعنى ويبعد القصد بل العكس هو ما يكون دائماً.
وأساليب الطلب ذاتها تتداخل فيما بينها وتتقارب في دلالتها وما أعنيه منها ـ هاهنا ـ أسلوبا الأمر والنهي اللذان يولّدان أسلوب الدعاء ويخرجانه ـ بقيد الرتبة والاستعلاء ـ عنهما مجازاً وبمعنى آخر أقول : إن النهي النفي من الإيجاب » (١) فإذا كان الأمر كما يعرفه بعضهم : « طلب الفعل بصيغة مخصوصة » (٢) فالنهي طالب منع الفعل وكفه وعليه فإن قولنا : ( لاتضرب ) كف ونهي لقولنا : ( اضرب ) (٣) ونزول النهي من الأمر منزلته هذه مقبول وشائع صرّح به ابن الشجري في أماليه إذ قلت : ( نهيته عن كذا ) فقد أمر ته بغيره فإذا قلت : لا ترحل فكأنك قلت : أقم وإذا قلت : لا تصم فكأنك قلت : أفطر وكذا إذا أمرته بشيء فكأنك قلت : لاتقم وإذا قلت : صم فكأنك قلت : لاتفطر » (٤).
__________________
(١) الأشباه والنظائر / السيوطي ٣٠٤ : ٢.
(٢) شرح المفصل / ابن يعيش ٥٨ : ٧.
(٣) ظ : الكتاب / سيبويه ١٣٦ : ١.
(٤) الأمالي الشجرية / ابن الشجري ٢٧٨ : ١ ظ : الأصول في النحو / ابن السراج ١٨٨ : ٢.