التضرّع سمي دعاء » (١)
وذهب باحث معاصر (٢) إلي أن البلاغيين قد تابعوا الأصوليين في اشتراط الاستعلاء للأمرفي تعريفاتهم ولما كان الأصوليون مختلفين في اشتراطه فلم يقطع البلاغيون برأي ثابت بل قالوا : الظاهر في صيغ الأمر والنهي الاستعلاء ولا يري الباحث ذلك حكماً دقيقاً.
فليس بخافٍ على أهل البلاغة أن ثمة فرقاً بين الرتبة والاستعلاء فالتمايز بالرتبة ـ لا شك في أنّه ـ يتضمّن التعالي عموماً في حين أن الاستعلاء قد يكون ضمن الرتبة الواحدة عندما يقع الآمر أو الناهي في حال من الأحوال مستعلياً على المأمور وهم من رتبة واحدة. وهو ما حدا بالأصوليين على القول بالأمر الواجب والمندوب (٣) أي أنّ الأمر والنهي عندما يصدر فإما أن يكون واجباً للطاعة أو مندوباً وهذا ما تعرّض له البلاغيون وفرّقوا بين صدور الأمر من العالي رتبة أو المستعلي ضمن الرتبة الواحدة فإن صدر الأمر من عالي الرتبة يستلزم وجوب تنفيذ الفعل أما في صدوره من المستعلي ضمن الرتبة الواحدة فيتطلب إيجاد الفعل دون الوجوب كما في الطلب الأول جاء في المفتاح : « ولا شبهة في أنّ طلب المتصور على سبيل الاستعلاء يورث إيجاد الإتيان به على المطلوب منه ثم إذ كان الاستعلاء ممن هو أعلى رتبة من المأمور استتبع إيجابه وجوب الفعل بحسب جهات مختلفة وإلاّ لم يستتبعه فإذا صادفت هذه أصل
__________________
(١) مفتاح العلوم : ٥٤٥ الإيضاح ٢٤٤ : ١.
(٢) ظ : أساليب الطلب عند النحويين والبلاغيين / قيس الأوسي : ٨٧ ـ ٨٨.
(٣) أصل تقسيم الأمر على : واجب ومندوب يستند إلي الأحكام الفقهية فما كان منها تكليفيّاً كان واجباً وما لم يكن كذلك كان مندوباً ولهذا التقسيم صور أخرى : ظ : الذريعة إلي أصول الشريعة / المرتضي ٥١ : ١ وما بعدها.