من خلال أسلوب الاستفهام مجازاً (١) ويراد به للدعاء كما في قوله تعالى : ( أتهلكنا بما فعل السّفهاء منّا ) (٢). (٣) فليس هذا باستفهام حقيقي إذ ليس يعقل « أن يظن موسى ـ لأن الكلام على لسانه ـ أنّ الله تعالى يهلك قوماً بذنوب غيرهم » (٤) فهو إذا يذكر الفعل كي يخلص بالنتيجة إلى إنكار وقوعه (٥) ومن ذلك قوله تعالى : ( ... أتعجل فيها من يفسد فيها ويسفك الدّمآء ... ) (٦) والاستفهام في هذه الآية لم يقصد به طلب الاستخبار من الله تعالى هل يجعل في الأرض من يسفك الدماء أة لا لأنّ الله تعالى قد قدّم في قوله ما يبيّن استخلافه جلّ وعلا للإنسان في الأرض (٧) حين قا : ( ... إنّي جاعل في الأرض خليفةً ... ) (٨) فالنهي جاء عن طريق الاستفهام مجازاً وقصد به الدعاء. وعلى الرغم من أن الدعاء على صورة النهي أسلوب طلبي يجاب عنه بجوابمجزوم ـ كالأمر ـ كما ذكر ذلك
__________________
(١) جاء الاستفهام خارجاً إلى النهي مجازاً في القرآن الكريم في اثنين وثلاثين موضعاً : ظ : صيغ الأمر والنهي في القرآن : ١٩٧ وعد السيوطي في الإتقان أكثر من ثلاثين غرضاً بلاغيّاً يخرج الاستفهام لها٢ : ٧٠ ـ ٨٠.
(٢) سورة الأعراف : ٧ / ١٥٥.
(٣) في المعنى ظ : قوله تعالى : ( أفتهلكنا بما فعل المبطلون ) [ سورة الأعراف : ٧ / ١٧٣] أي لا تهلكنا والله أعلم.
(٤) مفاتيح الغيب ١٨ : ١٥ مجمع البيان ٣٥ : ٣.
(٥) أساليب الاستفهام في القرآن الكريم / عبد العليم السيد فوده : ٢٥٨.
(٦) سورة البقرة : ٢ / ٣٠.
(٧) البرهان ٣٤١ : ٢.
(٨) سورة البقرة : ٢ / ٣٠.