النحاة (١) إلاّ أنّه لم يرد الدعاء على هذه الصورة مجاباً في القرآن الكريم (٢) والله أعلم بالصواب.
الصورة الثالثة ـ الدعاء بالخبر :
سبقت الإشارة في بدء هذا الفصل إلى أنّ قسمي الكلام : الخبر والإنشاء يقع كل منهماموقع الآخر فالأمر ـ إنشاء طلبي ـ قد يقع موقع الخبر (٣) والخبر قد يوضع كذلك موضع الإنشاء وما يعنينا من ذلك : الدعاء بالخبر.
ولاريب في إنّ خروج الخبر عن حقيقته ـ إلى الدعاء ـ يخدم أغراضاً ومقاصد يرمز إليها المتكلم ويهدف لها وهو ما اعتنى به البلاغيون بالدرجة الأساس وأجمعوا ـ وهم على حق ـ على أنّ الدعاء بالخبر أبلغ من أخراج الدعاء بصيغة المعهودة السابقة فقولنا : ( غفرالله لك ورحمك الله إعزّك ) إظهار بتيقّن الاستجابة والتفاؤل بحصول الغفران والرحمة والإعزاز فضلاً عن التأكيد والحرص على وقوعها (٤).
وحدّد القزويني إغراض وقوع الخبر موقع الإنشاء وهي : « إمّا للتفاؤل أو لإظهار الحرص في وقوعه .. والدعاء بصيغة الماضي من البليغ يتحمّل الوجهين أو للاحتراز عن صورة الأمر كقول العبد للمولي إذا حوّل عنه وجهه : ينظر المولي إليّ ساعة أو لحمل المخاطب على المطلوب » (٥) والناظر في
__________________
(١) ظ : الكتاب٩٣ : ٣.
(٢) ظ : صيغ الأمر والنهي في القرآن : الملحق (٥٨) : ٣٦٤.
(٣) ظ : بدائع الفوائد ١٣٩ : ٢ ـ ١٤٠ معجم المصطلحات البلاغية ٣٢١ : ١.
(٤) ظ : الكشاف ٢٧٠ : ١.
(٥) الإيضاح ٢٤٥ : ١.