كَفاكَ فأَغْناكَ ابنُ نَضْلَةَ بعدَها |
|
عُلَالَةَ بيُّوتٍ من الماءِ قارسِ |
قال الأَزهريّ : سمِعتُ أَعرابيّاً يقولُ : اسْقِنِي من بَيُّوتِ السِّقاءِ. أَي : من لَبَنٍ حُلِبَ لَيلاً ، وحُقِنَ في السِّقاءِ حتى بَرَدَ فيه لَيلاً.
وكذلك الماءُ ، إذا بَردَ في البَرّادة (١) لَيلاً : بَيُّوتٌ.
وأَمّا ما أَنشده ابن الأَعْرَابيّ :
فَصَبَّحتْ حَوْضَ قَرىً بَيُّوتَا
قال : أَراه أَراد قَرَى حَوْضٍ بَيُّوتاً ، فقَلَب ، والقَرَى : ما (٢) يُجمَع في الحَوض من الماءِ ؛ فأَنْ يكونَ بَيُّوتاً صفةً للماءِ ، خيرٌ من أَن يكونَ صفةً للحَوض ، إذْ لا معنَى لوَصْفِ الحَوْضِ [به] (٣) كذا في اللسان.
والبَيُّوت : الغابُّ من الخُبْزِ كالبائتِ ، يُقَال : خُبْزٌ بائتٌ ، وكذلك البَيُّوت. والبَيُّوت ، أَيضاً : الأَمْرُ يَبِيتُ لَهُ وفي نسخة : عليه. ومثلُه في الصّحاح صاحِبُهُ مُهْتَمّاً به ، قال الهُذَلِيُّ أُمَيَّةُ بْنُ أَبي عائذ :
وأَجْعَلُ فُقْرَتَها عُدَّةً |
|
إِذا خِفْتُ بَيُّوتَ أَمْرٍ عُضَالِ |
وهَمٌّ بَيُّوتٌ : باتَ في الصَّدْر ، قال :
على طَرَبٍ بَيُّوتَ هَمٍّ أُقاتِلُهْ
وفي المُحْكَم : بَاتَ يَفَعَلُ كَذَا وكذا يَبيتُ ويَبَات بَيْتاً وبَياتاً كسَحاب ، ومَبِيتاً كمَقِيل ، وَبيْتُوتَةً : أَي (٤) يَفْعَلُه لَيْلاً ، وليْس مِنَ النَّوْمِ. وأَخْصَرُ من هذا عبارةُ الجوهريِّ : باتَ يبِيت ويَبَاتُ بيْتُوتَةً ؛ وبات يَفْعلُ كذا : إذا فعله ليلاً ، كما يُقَال : ظَلَّ يفْعَلُ كذا : إِذا فعلَه نهاراً. ونقل شيخُنا عن العَلّامَة الدَّنوشَرِيّ في معنى قوله : وليس من النَّوم ، أَنَّ الفِعْلَ ليس من النَّوْم ، أَي : ليس نَوْماً ، فإِذا نامَ ليْلاً ، لا يَصِحُّ أَنْ يُقَالَ : باتَ يَنامُ ؛ قال : وبعضُهم فَهِمَ قولَه : وليس من النَّوم ، على غير هذا الوجْهِ ، وقال : معناه : وليس ما ذُكر من الصّادر من النوم ، أي : ليس معناه بالنَّوْم ، فليُتَأَمَّل ، قال ويَجوز ، على هذا ، أَنْ يُقال : بات زيدٌ نائماً. وقَوَّى جماعةٌ هذا الفهمَ ، قاله الشّيخُ ياسينُ في حواشي التَّصْريح ، وقال مُلّا عبدُ الحكيم في حواشيه على المُطَولّ : لمّا أَنشد :
وباتَ وباتَتْ لَهُ لَيْلةٌ.
البيت. إنّ بات فيه ، تامَّة ، بمعنى : أَقامَ ليلاً ونزلَ به ، نام أَوْ لا ، فلا يُنافي قولُه : «ولم تَرْقُدِ» (٥) انتهى. قلتُ وقال ابْنُ كَيسانَ : باتَ يَجوز أَن يَجْرِيَ مَجْرَى نامَ ، وأَنْ يَجريَ مَجْرَى كان ، قالَه في (٦) كان وأَخواتها. وقال الزّجّاج : كلّ من أَدْرَكَه اللَّيْلُ فقد باتَ ، نامَ أَوْ لم يَنَمْ. وفي التنزيل العزيز (وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّداً وَقِياماً) (٧). والاسم من كلِّ ذلك ، البِيتَة. وفي التّهْذِيب عن الفَراءِ : بات الرَّجُل : إِذا سَهِرَ الليلَ كلَّه في طاعةِ الله ، أَو مَعْصِيَته (٨).
وقال اللَّيْث : البَيْتوتَة : دُخولُك في اللَّيل ، يُقَال : بِتُّ أَصْنَعُ كذا وكذا ، قال : ومن قال : باتَ فُلانٌ ، إذا نام ، فقد أَخطأ ، أَلا ترى أَنَّك تقولُ : بِتُّ أُراعِي النُّجُومَ. معناه. بِتُّ أَنظُرُ إِليها فكيف يَنَامُ وهو يَنظُرُ إِليها. وقَدْ بِتُّ القَوْمَ ، وبِتُّ بِهِم ، وبتُّ عِنْدَهُم ، حكاه أَبو عُبَيْد.
ويُقَالُ : أَباتَك اللهُ إِباتَةً حَسَنَةً ، وباتَ بَيْتُوتةً صالِحةً. قال ابنُ سِيَدهْ ، وغيرُهُ : وأَباته اللهُ بخير ، وأَباتَهُ اللهُ أَحْسَنَ بِيتَةٍ ، بالكسرِ ، أَي : أَحسن إِباتَةٍ ، لكنَّه أَراد به الضَّرْبَ من المَبيت (٩) ، فبناهُ على فِعْلِه ، كما قالوا : قَتَلْتُهُ شَرَّ قِتْلَةٍ ،
__________________
(١) في التهذيب : بُرِّد في المزادة.
(٢) عن اللسان ، وبالأصل «مما».
(٣) زيادة عن اللسان.
(٤) في اللسان : أي ظل يفعله.
(٥) بهامش المطبوعة الكويتية : هو جزء من بيت امرئ القيس :
تطاول ليلك بالاثمد |
|
ونام الخليّ ولم ترقد |
وهو يسبق البيت المذكور قبله وتمامه :
وبات وباتت له ليلة |
|
كليلة ذي العائر الأرمد |
(٦) في التهذيب : في باب كان.
(٧) سورة الفرقان الآية ٦٥.
(٨) في التهذيب : في طاعة أو معصية.
(٩) في اللسان : التبييت.