مراده في قوله (تخييريا) أي التخيير بين نية الوجوب ونية الندب وأيهما نوى أجزأ عن الظهر ، وهو غلط ، بل مراده التخيير بين الجمعة والظهر ، فيكون من باب الواجب المخير ككفارة رمضان وغيرها من الواجبات المخيّرة ، ولا يجوز نيّة الندب ، لأن الجمعة بدل من الظهر ، وحكم البدل حكم المبدل عنه في جميع الأحكام إلا ما أخرجه النص هنا ، من زيادة القنوت ونقصان الركعتين المعوض عنهما بالخطبتين ، ومن بعض احكام المبدل اشتراط نية الوجوب فيجب في البدل تحقيقا للبدلية ،
ولأنها مجزية عن الظهر ، والندب لا يجزي عن الواجب مع تحقق الوجوب في شيء من الأحكام إجماعا.
فإن قيل : إن هذه الجمعة مندوبة مع أنها تجزي عن الظهر عند القائل بها ، والوضوء المندوب يجزي عن الواجب في بعض الصور ، فكيف قلتم :
إن المندوب لا يجزي عن الواجب إجماعا؟! الجواب عن الأول : إن المندوب هو الاجتماع والعدول إليها عن الظهر ، فإذا اختار المكلف ذلك وأراد الدخول فيها ، تعين عليه نية الوجوب ، لاختياره إيجابها عليه بالدخول فيها ، كاستحباب الجهر يوم الجمعة ، والجهر بالبسملة في مواضع الإخفات ، فإنّ المستحب هو العدول إلى الجهر ، فإذا أتى به اعتقد الوجوب ، لأن القراءة لها صفتان الجهر والإخفات وكلاهما واجب ، فلا يجوز أن يوقع أحدهما بنية الاستحباب ، فكما أن الواجب في الظهر هو الإخفات ، والعدول إلى الجهر مستحب وإذا أتى به اعتقد وجوبه ولا يجوز أن يوقعه بنية الندب ، كذلك الواجب في الجمعة حال الغيبة هو الظهر ، والعدول إلى الجمعة مستحب مع الإمكان ، فإذا دخل فيها دخل بنية الوجوب ، لأن الأصل فيها الوجوب ، لكون الفرض غيرها ، وهو الظهر ، وقد استحب له العدول إلى الجمعة ، فإذا عدل إليها وجب إيقاعها على أصلها كالجهر ، لأن