أقول : يريد أن كثير السفر إذا أقام في بلده عشرة أيام مطلقا ، أو في غير بلده مع النية ، أو ثلاثين مرددة ، إذا خرج بعد ذلك يكون مقصرا ، ونقل المصنف اختصاص هذا الحكم بالمكاري والملاح دون باقي الأصناف ، والمشهور عدم الفرق بين المكاري وغيره ، وهو الذي عليه الأصحاب.
قال رحمهالله : وإذا أقام خمسة ، قيل : يتم ، وقيل : يقصّر نهارا صلاته دون صومه ، ويتم ليلا ، والأول أشبه.
أقول : المشهور أنه لا بد من العشرة ولا يكفي الخمسة ، واكتفى بها ابن الجنيد فالمسافر عنده إذا نوى خمسة في غير بلده ، وقال الشيخ في النهاية والمبسوط : يقصر الصلاة في النهار ويتم في الليل ، وتبعه ابن البراج ، والمستند الروايات (١٤١).
تنبيه : اختلف الأصحاب في تحديد الكثرة التي يتعلق بها وجوب الإتمام ، قال ابن إدريس : بالسفرة الأولى لذي الصنعة كالمكاري والملاح ، لأن صنعتهم تقوم مقام تكرر من لا صنعة له ممن سفره أكثر من حضره ، وبالثالثة لغيرهم.
وقال العلامة في مختلفة : والأقرب ان أرباب الصنائع لا يثبت فيهم التمام بأول مرة ، بل بثاني مرة ، قال : وكذا من لا صنعة له إذا جعل السفر عادته ، فإنه يجب عليه التمام في ثاني مرة إذا لم يتخلل الإقامة عشرة أيام.
وقال الشهيد بالثالثة ، وهو مذهب ابي العباس في موجزه ، لأن اسم الكثرة يراد به الجمع ، واقله ثلاثة ، ويخرج عن حد الكثرة بإقامة عشرة في بلده ، وان كانت متفرقة لا يفصل بينهما بمسافة ، كما لو قام ثلاثة أيام ، ثمَّ خرج إلى ما دون المسافة ثمَّ رجع فأقام ثلاثة ثمَّ خرج الى ما دون المسافة ورجع فأقام
__________________
(١٤١) الوسائل ، كتاب الصلاة ، باب ١٢ من أبواب صلاة المسافر.