احتج الأولون بالابتداء بذكره والعرب تبدأ بالأهم ، وبقوله تعالى : (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ) (٣٢) ولتعوذ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من الفقر وسؤاله المسكنة (٣٣).
واحتج الآخرون بالتأكيد به ، والتأكيد إنما يكون بالأقوى ، فإنه يقال فقير مسكين ولا يقال العكس ، فدل على ان المسكين اسوء حالا ، وبقوله تعالى : (أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) (٣٤) اي ذا مجاعة ألصق بطنه على التراب لشدة حاجته وجوعه ، ولا يظهر لهذا الخلاف فائدة في الزكاة لجواز دفعها الى الفريقين ، وانما يظهر فائدته في النذر والوصية كما لو نذر أو اوصى للفقراء دون المساكين أو بالعكس أو جمعهما وفضل بينهما ، وفي الكفارة فإن مصرفها المساكين ، فان كان الفقير اسوء حالا استحق والا فلا.
تنبيه : الغنى المانع من أخذ الزكاة ما يحصل به الكفاية له ولعياله الواجبي النفقة ، وهو أعم من حصوله بالفعل أو بالقوة ، فالمسكين من يكسب المؤنة لا تحل له الصدقة لقوله عليهالسلام : «لا تحل الصدقة لغني ولا لقوي مكتسب» (٣٥) بشرط ان يكون التكسب لائقا بحاله ومروته ، فلا يكلّف ذو الحشمة والبزاز بيع الحطب والخبز وما شاكل ذلك ، لان تكلف ذلك لذوي الاحتشام أصعب من تكلف بيع الخادم والعبد والفرس ، وقد أسقط الشارع ذلك عنه.
وكذا لو كان ممنوعا من التكسب بفعل واجب أو علم ديني لا بصلاة
__________________
(٣٢) الكهف : ٧٩.
(٣٣) مسند أحمد بن حنبل ٥ : ٣٦ ، والجامع الصغير للسيوطي ، حرف الألف : ص ٥٦.
(٣٤) البلد : ١٦.
(٣٥) الوسائل ، كتاب الزكاة ، باب ٨ من أبواب المستحقين ، حديث ٨ وهو أقربها لما في المتن.