يكون منذورا من بلد معين فيتعين الاستئجار منه ، لأن الواجب هو الحج ، وقطع المسافة ليس مرادا للشارع ، ولهذا لو سافر المستطيع لا بعزم الحج ثمَّ جدّد نية الحج من الميقات أجزأه ، ولم يجب عليه الرجوع إلى بلده وإنشاء القصد منه ، لأن نفقة الطريق ليست واجبة مع عدم الحاجة إليها ، لأنه لو خرج متسكعا أو في نفقة غيره أجزأ.
وذهب الشهيد في الدروس الى اختيار ابن إدريس ، ثمَّ قال : ولو استأجر من الميقات أجزأ ، وأثم الوارث ، وملك فاضل الأجرة.
تنبيه : الذي يتحقق من عبارات الأصحاب أن أقرب الأماكن هو الميقات ، قال في القواعد : وجب أن يحج من أقرب الأماكن إلى الميقات ، قال عميد الدين وفخر الدين في شرحيهما : هذا مذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط ، وقال في التحرير : وهل يجب أن يحج عنه من بلده أو من الميقات؟ الأقرب الثاني ، وهو اختيار الشيخ في المبسوط والخلاف ، وإذا ثبت بقول عميد الدين وفخر الدين أن الحج من أقرب الأماكن هو مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف ، وكذا ثبت بقول العلامة في التحرير أن مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف الوجوب من الميقات ثبت أن أقرب الأماكن هو الميقات.
فان قيل : وإن كان عبارة الشرائع لا تدل على المغايرة صريحا ، لأن عبارة القواعد (يجب ان يحج عنه من أقرب الأماكن إلى الميقات) ، ومن المعلوم بالضرورة أن أقرب الأشياء إلى الشيء مغاير لذلك الشيء ، فكيف قلتم : إن أقرب الأماكن الميقات؟! الجواب : أما وجه الاتحاد فقد بيّناه من قول العلامة في التحرير وقول ابنه وابن أخته في شرحيهما ، وأما اقتضاء عبارة القواعد المغايرة فمسلم ، ولكن المغايرة لا تقتضي المنافاة بين القولين ، لأن أقرب الأشياء إلى الشيء هو الملاصق لذلك الشيء والمتصل به ، ولا شك أن الميقات ملاصق لغيره ومتصل به ،