وذلك الجزء المتصل به من غيره هو أقرب الأماكن إليه ، ولا يتحقق الإحرام من الميقات إلا بإدخال ذلك الجزء المتصل به من غيره فلما امتنع انفكاك أحدهما عن الآخر جاز إطلاق اسم موضع الإحرام على كل واحد منهما ، فمن قال : (من أقرب الأماكن) ، أراد به الجزء المتصل بالميقات من غيره ، إذ هو أقرب الأماكن إلى الميقات ، والعقد إنما يكون قبل الإحرام ، فلا بد أن يقع في جزء من غير الميقات وان كان من موضع إنشاء الإحرام إذ لا ينفك عن جزء من غير الميقات ، ومن قال : (من الميقات) ، أراد به موضع إنشاء الإحرام ، ولا شك أن فيه جزءا من الميقات متصلا بجزء من غيره ، فجاز إطلاق اسم الجزء على الكل.
فقد ظهرت المغايرة من غير منافاة بين القولين ، ومن أوّل أقرب الأماكن بغير ما قلناه يكون قد غلط فخر الدين وعميد الدين في قولهما : (إنه مذهب الشيخ في المبسوط والخلاف) ، أو غلط العلامة في التحرير أن ما اختاره من الوجوب من الميقات هو مذهب الشيخ في الخلاف والمبسوط ، وغلط هؤلاء وان كان ممكنا ، فهو لم تجر العادة ان يغلطوا جماعة من المجتهدين في مسئلة واحدة غلطا لا يقبل التأويل ، وان جرت العادة في غلط أحدهم نادرا ، وقد نبّه بعضهم على ذلك كما جرت عاداتهم في مصنفاتهم ، وإنما أشبعنا البحث في هذه المسئلة ، لأنها من مهمات علم الفقه ، وهي مما يعم بها البلوى ، وربما حصل الاشتباه بسبب اختلاف عبارات الأصحاب فيها فأردنا أن نزيل ذلك الاشتباه بما بيناه ، والله الموفق للصواب.
قال رحمهالله : ولو نذر الحج أو أفسد وهو معضوب ، قيل : يجب أن يستنيب ، وهو حسن.
أقول : القول إشارة إلى قول الشيخ في المبسوط ، ثمَّ قال فيه : فان نوى فيما بعد تولاهما بنفسه ، وإنما كان حسنا ، لأن فعل الإفساد مع العلم بأنه