أقول : نذر المشي ينعقد على القول بأنه أفضل من الركوب ، وقد قيل بافضليته مطلقا ، لأنه أشق ، والأجر على قدر المشقة (١٣) ، وقيل بأفضلية الركوب مطلقا لاشتماله على صرف المال في الحج ، وقد روي : أن الدرهم فيه بألف درهم في غيره (١٤) ، وقيل بالتفصيل ، وهو أفضلية المشي مع عدم الضعف عن القيام بالفرائض ، ومعه يكون الركوب أفضل ، وهذا هو المشهور.
فعلى الأول ينعقد نذر المشي ولا ينعقد نذر الركوب ، وعلى الثاني ينعكس الحكم ، وعلى التفصيل ينعقد نذر المشي لمن لا يضعفه عن القيام بالفرائض ، ونذر الركوب لمن يضعفه المشي.
إذا عرفت هذا فنقول : إذا ركب ناذر المشي مختارا ، فإن كان معينا بسنة كفّر لخلف النذر ولا قضاء عليه ، وهو ظاهر القواعد والتحرير والإرشاد ، واختاره أبو العباس في محررة ومقتصره لعدم تناول النذر لغير سنة الإيقاع.
وفي المختلف أوجب القضاء والكفارة ، واختاره الشهيد ، أما وجوب القضاء فلأنه أخل بالصفة المنذورة فوجب عليه القضاء لتحصيل تلك الصفة ، وأما وجوب الكفارة فلإخلاله بإيقاع تلك الصفة الواجبة عليه بالوقت المعين بالنذر ، وإن كان النذر مطلقا وجب القضاء ولا كفارة ، فإن ركب بعض الطريق ومشى بعضه ، قال الشيخان وابن البراج : يقضي ويمشي ما ركب ويركب ما مشي ليحصل منهما حجة ملفقة ماشيا ، وقال أكثر الأصحاب : يقضي ماشيا لإخلاله بالصفة المشروطة في نذره.
فرع : يجب المشي من بلده على ما اختاره الشهيد ، ويسقط عنه بعد طواف النساء.
__________________
(١٣) لم نعثر عليه.
(١٤) الوسائل ، كتاب الحج ، باب ٤٢ من أبواب وجوب الحج.