من قابل ، ولو انكشف العدو في وقت يتسع لاستئناف القضاء وجب ، وهو حج يقضى لسنته ، وعلى ما قلناه فحجه العقوبة باقية.
أقول : في كلام المصنف هنا نظر من وجهين :
الأول : أنه يوهم التناقض ، لأنه قال : (لو أفسد فصد كان عليه بدنة ودم التحلل والحج من قابل) ، وظاهره أن عليه حجا واحدا ، وهو بناء على أن الأولى عقوبة ، وهي تسقط بالتحلل منها ، وإلا لوجب عليه حجان. ثمَّ قال : (ولو انكشف العدو في وقت يتسع لاستئناف القضاء وجب ، وهو حج يقضى لسنته ، وعلى ما قلناه فحجه العقوبة باقية) ، وهي لا تكون باقية إلا على أحد وجهين :
إما على القول ، بأن الأولى حجة الإسلام ، أو على القول بأنها عقوبة ، وهي لا تسقط بالتحلل منها ، وعلى أحد هذين الوجهين يجب عليه مع عدم الإتيان بالحج في سنته حجان : حجة الإسلام وحجة العقوبة ، لأن حجة الإسلام لا تسقط بالتحلل إجماعا ، والفرض أن العقوبة لا تسقط أيضا ، فالجمع بين بقاء حجة العقوبة إذا قضى الحج لسنته ، وبين وجوب حج واحد إذا لم يقضه مناقضة بيّنة.
الثاني : في قوله : (وعلى ما قلناه فحجه العقوبة باقية) ، وهي لا تكون إلا على أحد الوجهين المذكورين ، وهو لم يذكر في هذه المسألة شيئا يدل دلالة ظاهرة على اختيار أحدهما ، بل ولا في غير هذه المسألة من هذا الكتاب المشروح ، والظاهر أن مراده في قوله : (وعلى ما قلناه) ، هو قوله : (وهو حج يقضى لسنته) ، لأنه لا يكون حجا يقضى لسنته إلا إذا كانت الأولى حجة الإسلام ، فيكون هذه المأتي بها قضاء لتلك الفاسدة ، فهو حج يقضى لسنته ، ولو قلنا : الأولى عقوبة ، فهذه حجة الإسلام فهو ليس حجا يقضى لسنته فقوله