نفسه كالعمى والمرض كان له الانصراف ، لأنه لا يمكنه القتال ، وان كان من قبل غيره ، كما لو أمره صاحب الدين ثمَّ رجع عند التحام الحرب أو الأبوان ثمَّ رجعا كذلك ، قال الشيخ : ليس له الرجوع ، لأنه لا دليل عليه ، وهو جيد.
وقال ابن الجنيد : لا يجوز له الرجوع بعد التحام الحرب مطلقا ، سواء كان العذر من قبل نفسه أو من قبل غيره لعموم قوله تعالى (وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ) (٢) الآية ، ونحن نقول بالموجب مع القدرة لا مع العجز ، لأن الله تعالى أسقط الجهاد عن العاجز في الابتداء ، فكذلك في الأثناء ، والمعتمد تفصيل الشيخ.
قال رحمهالله : ومن عجز عنه بنفسه وكان موسرا وجب إقامة غيره ، وقيل : يستحب ، وهو أشبه.
أقول : الوجوب مذهب الشيخ وابن البراج وابن إدريس لعموم الأمر بالجهاد على الكفاية (٣) ، وهو فعل يقبل النيابة في الحياة لا بعدها ، فإذا تعذرت المباشرة وجبت الاستنابة تحصيلا لأمر الشارع.
واحتج القائلون بالاستحباب بسقوطه مباشرة لعجزه فيسقط استنابة ، لأن الاستنابة تابعة لوجوب المباشرة ، وقد سقط وجوب المباشرة فيسقط وجوب الاستنابة ، وهو المعتمد. نعم لو احتيج إلى الاستنابة ـ بأن يعجز القائمون عن المقاومة ـ وجبت.
قال رحمهالله : ولو نذر المرابطة وجبت مع وجود الامام وفقده ، وكذا لو نذر أن يصرف شيئا في المرابطين وجب على الأصح ، وقيل : يحرم ، ويصرفه في وجوه البر إلا مع خوف الشنعة ، والأول أشبه.
__________________
(٢) الأنفال : ١٦.
(٣) الوسائل ، كتاب الجهاد ، باب ١ من أبواب جهاد العدو.