وأحدها : المسألة المشروحة ، وهي التظاهر بالمناكير ، وقد ذكرنا الخلاف فيها.
قال رحمهالله : إذا خرقوا الذمة في دار الإسلام كان للإمام ردهم إلى مأمنهم ، وهل له قتلهم واسترقاقهم ومفاداتهم؟ قيل : نعم ، وفيه تردد.
أقول : منشؤه من انهم دخلوا دار الإسلام بأمان فلا يقتلون بل يجب ردهم إلى مأمنهم ، ولأنهم لو دخلوا بشبهة أمان وجب ردهم ولا جاز اغتيالهم ، فمع دخولهم بالأمان يكون وجوب الرد أولى ، ومن أنهم مع خرق الذمة صاروا حربا لا ذمة لهم ، فيكون الامام مخيرا بين ردهم وقتلهم ، واسترقاقهم ومفاداتهم ، وهو مذهب الشيخ في المبسوط.
والمعتمد إن كان خرقهم للذمة بقتال المسلمين ، أو اعانة الكفار عليهم ، جاز قتلهم واسترقاقهم ومفاداتهم ، وإلا وجب ردهم.
قال رحمهالله : وإذا انهدمت كنيسة مما لهم استدامتها جاز اعادتها ، وقيل : لا.
أقول : القائل بعدم الجواز هو الشيخ في المبسوط ، قال : لأنه لا دليل على ذلك ، وبناؤها محرم ممنوع منه ، قال : ولو قلنا : إن لهم ذلك كان قويا ، لأنا اقررناهم على التبقية فلو منعناهم عن العمارة لخربت.
وذهب العلامة في المختلف إلى جواز الإعادة ، وكذلك ولده في الإيضاح.
قال رحمهالله : فكل ما يستجده الذمّي لا يجوز أن يعلو به على المسلمين من مجاوريه ، ويجوز مساواتهم على الأشبه.
أقول : لا خلاف في عدم جواز العلو ، وإنما الخلاف في المساواة ، ووجوب القصور مذهب الشيخ في المبسوط ، واختاره ابن إدريس ، والعلامة في المختلف لقوله عليهالسلام : «الإسلام يعلو ولا يعلى عليه» (٣٩) ، ومع
__________________
(٣٩) كنز العمال ١ : ١٧ ، رقم ٢٤٦ ، والجامع الصغير ١ : ١٢٣.