فعلى هذا يكون حد الجزيرة ما زرع وكان ذا خصب من ارض العراق ، وانما سميت الجزيرة ، لأن بحر الحبش وبحر الفارس والفرات أحاطت بها ، وانما نسبت إلى العرب ، لأنها أرضها ومسكنها ومعدنها.
قال رحمهالله : ويجوز الهدنة أربعة أشهر ، ولا يجوز أكثر من سنة على قول مشهور ، وهل يجوز أكثر من أربعة أشهر؟ قيل : لا ، لقوله تعالى : (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) وقيل : نعم لقوله تعالى (وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها).
أقول : هنا مسألتان :
الأولى : في تحديد الكثرة بالسنة : وهو المشهور بين الأصحاب ، والمصنف لم يجد دليلا مرضيا على هذا القول ، فلم يجزم به ، واستدل العلامة في القواعد بقوله تعالى (فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ) (٤٢).
وفي صحة الاستدلال بهذه الآية على السنة نظر ، لأنها دلت على ترك القتال أربعة أشهر لا غير ، فكيف يستدل بها على السنة ، والمانع من الزيادة على الأربعة جعلها دليلا له ، وهي دالة على مطلوبه.
ويمكن أن يقال : إذا دلت على المنع من الزيادة على الأربعة فدلالتها بالمنع من الزيادة على السنة أولى ، ونقل في التحرير عن الشيخ وابن الجنيد تقدير الزيادة مع حاجة المسلمين بعشر سنين ، فلو عقده أكثر من عشر سنين بطل الزائد خاصة ، وجنح إليه في القواعد.
الثانية : في الزيادة على أربعة أشهر ، وقد ذكر المصنف وجهي الفريقين ، والمعتمد اعتبار المصلحة ، وهذا تكليف راجع إلى غيرنا فلا ضرورة في ترك الاستقصاء في تحقيقه.
__________________
(٤٢) التوبة : ٥.