اختلفوا في جواز عتق الكافر وعدمه ، ولم يقع بينهم اختلاف في عتق المخالف ، ويدل عليه قوله : (والكافر خبيث بغير خلاف) ، فلو أراد بالمؤمن ضد المخالف من المسلمين لقال : والمخالف خبيث.
وأيضا يلزم من قوله (اختلف القائلون باشتراط الإسلام في اشتراط الإيمان) ، خروج السيد وابن إدريس من هذا التقسيم ، لأنهما قائلان بعدم إسلام المخالفين ، والخلاف (٨٤) الذي ذكره بين القائلين بإسلامهم ، فلا يدخلان فيه ، فلا يصح الاستدلال بقولهما على مطلوبه.
وانما يصح استدلاله بقول من يقول بإسلام المخالف ، وهو يمنع من عتقه.
الوجه الثاني : الذي فيه النظر ، قول فخر الدين : والكافر خبيث إجماعا ، فهذا الاستدلال غير مطابق للقاعدة التي يبحث عنها ، لأن بحثه في جواز عتق غير المؤمن من المسلمين ، بدليل قوله (اختلف القائلون باشتراط الإسلام في اشتراط الإيمان) ، فالكافر لا مدخل له في هذا البحث ، فكان ينبغي الاستدلال (بخبث المخالف ، لأنه المبحوث عنه (عنده) (٨٥) والكافر قد مضى البحث فيه في المسألة السابقة ، فالاستدلال) (٨٦) بخبث الكافر غير مطابق للبحث.
والتحقيق : أن المسلمين اختلفوا في هذه المسألة على قولين بعد اتفاقهم على اشتراط الإيمان في كفارة قتل الخطأ ، فالشيخ في المبسوط والخلاف ، وابن الجنيد من الإمامية ، وعطا ، والنخعي ، والثوري ، وأبو حنيفة وأصحابه من العامة ، جوزوا عتق الكافر في جميع الكفارات عدا كفارة قتل الخطأ ، وباقي الإمامية والشافعي ومالك والأوزاعي وأحمد وإسحاق من العامة منعوا ذلك ، والجميع
__________________
(٨٤) في «م» : (فالخلاف) وفي «ن» : (في الخلاف).
(٨٥) من «ر ١».
(٨٦) ما بين القوسين من النسخ وليس في الأصل.