وفصل العلامة في المختلف ، قال : إن كان الكفر باعتبار جهل الله وعدم علمه به ينعقد (١٧) يمينه ، لأنه يحلف بغير الله ، وإن كان باعتبار جحده نبوة أو فريضة معلومة الثبوت من دين الإسلام ، انعقدت يمينه بالله تعالى ، لوجود المقتضي وهو الحلف بالله من عارف به عاقل ولا ولاية لا حد عليه ، وإذا انعقدت وجب عليه الفعل المحلوف عليه ، فان كان من الطاعات وقصد إيقاعه على وجه التقرب الى الله ، وجب تقديم الإسلام وفعله إذا لا طاعة من الكافر ، وإن كان غير طاعة وجب عليه فعله مطلقا ، ومتى حنث وجبت عليه الكفارة ، لوجود المقتضي ، لكن لا يصح منه أداؤها إلا بتقديم الإسلام عليه ، فان أسلم بعد الحنث سقطت الكفارة عنه ، لعموم : «الإسلام يجب ما قبله» (١٨).
واعلم أنه لا يتحقق الحنث قبل الموت الا مع التقييد بزمان معين ، ومع عدمه لا يتحقق الا بعد الموت فيعاقب عليه في الآخرة ، واختار فخر الدين وأبو العباس في مقتصره مذهب المختلف ، وهو المعتمد.
قال رحمهالله : ولا ينعقد من الولد مع والده إلا مع إذنه ، وكذا يمين المرأة والمملوك إلا أن يكون اليمين في فعل واجب أو ترك قبيح ، ولو حلف أحد الثلاثة في غير ذلك كان للأب والزوج والمالك حل اليمين ولا كفارة.
أقول : في عبارة المصنف هنا تسامح ، لأنه حكم أولا بعدم انعقاد يمين الثلاثة مع عدم إذن الوالد والزوج والمالك ثمَّ قال : ولو حلف أحد الثلاثة كان للزوج والأب والمالك حل اليمين ، والحل إنما يكون بعد العقد ، وقد حكم بعدم الانعقاد فينبغي وقوعها لاغية فلا تفتقر الى حل ، وانما تفتقر الى الحل على الوجه الذي خرجه العلامة في القواعد ، قال : ولو قيل بانعقاد ايمانهم كان وجها ، نعم لهم الحل
__________________
(١٧) في النسخ : لم ينعقد.
(١٨) عوالي اللئالي ٢ : ٥٤ ، ٢٢٤.