قال رحمهالله : ولو نذر نحر الهدي بمكة وجب ، وهل يتعين التفرقة بها؟ قال الشيخ : نعم عملا بالاحتياط ، وكذا بمنى ، ولو نذر نحره بغير هذين ، قال الشيخ : لا ينعقد ، ويقوى أنه ينعقد ، لأنه قصد الصرف على فقراء تلك البقعة ، وهو طاعة.
أقول : قال الشيخ في المبسوط : إذا نذر أن ينحر بمكة ولم يزد على هذا ، قال قوم : يلزمه النحر والتفرقة معا بها ، ومنهم من قال : يلزم النحر فقط ، ويفرق اللحم حيث يشاء ، والأول أقوى عندنا (٣٠) وأحوط ، فاما إن نذر بغير مكة كالبصرة والكوفة وغيرهما ، فان نذر أن ينحر ويفرق اللحم بها لزمه ذلك ، لأن نذره لمساكين تلك البقعة ، وإن أطلق ولم يذكر تفرقة اللحم ، قال قوم : إنه يلزمه النحر وتفرقة اللحم بها ، ومنهم من قال : لا ينعقد نذره أصلا ، وهو الأقوى عندي ، لأن الأصل براءة الذمة.
وقال في الخلاف : فان نذر نحره بالبصرة أو الكوفة لزمه الوفاء ، ويفرق في الموضع الذي ذكره ، واختار المصنف مذهب الخلاف ، وهو ظاهر العلامة في الإرشاد والتحرير ، فإنه اختار فيهما انعقاد النذر ولم يذكر التفرقة ، قال الشهيد في شرح الإرشاد : وهو اختيار الشيخ في الخلاف ونجم الدين ، فدل على أن مذهب الخلاف كمذهب الإرشاد والشرائع ، وهو انعقاد النذر ووجوب التفرقة في موضع النحر وإن كان بغير مكة ومنى.
وفصل الشهيد في دروسه بعد أن أوجب تفرقة اللحم بمكة ومنى إن كان النحر فيهما ، فقال : ولو نوى غيرهما وقصد الصدقة أو الإهداء للمؤمنين صحّ ، وإن قصد الإهداء للبقعة بطل ، وإن قصد مجرد الذبح فيهما فهو من باب المباح ،
__________________
(٣٠) في «ن» : عنده.