كما يقال : ليسكن جأشك وليفرخ روعك (١).
والحكمة في تكرر هذه القصص أنّ المواعظ تكرر على الأسماع ليتقرر في الطباع. أو هو التحدي إلى الإتيان بمثله ، ولو بترديد بعض هذه القصص ، أو تسلية للنّبيّ وتحسيرا للكافرين حالا بعد حال.
٤١ (وَجَعَلْناهُمْ أَئِمَّةً) : من الجعل بمعنى «الوصف» ، كقوله : جعلته رجل سوء (٢). أو ذلك في الحشر حيث يقدمون أتباعهم إلى النار.
٤٢ (مِنَ الْمَقْبُوحِينَ) : الممقوتين ، قبحه الله وقبّحه (٣).
قال عمّار لمن تناول عائشة : اسكت مقبوحا منبوحا (٤).
__________________
(١) ينظر ما سبق في تفسير البغوي : ٣ / ٤٤٥ ، والكشاف : ٣ / ١٧٥ ، والمحرر الوجيز : ١١ / ٢٩٨ ، وزاد المسير : ٦ / ٢١٩ ، وتفسير القرطبي : ١٣ / ٢٨٤.
(٢) ذكر نحوه الزمخشري في الكشاف : ٣ / ١٨٠ ، فقال : «معناه : ودعوناهم أئمة دعاة إلى النار ، وقلنا : إنهم أئمة دعاة إلى النار كما يدعى خلفاء الحق أئمة دعاة إلى الجنة ، وهو من قولك : جعله بخيلا وفاسقا إذا دعاه وقال إنه بخيل وفاسق. ويقول أهل اللغة في تفسير فسقه وبخله جعله بخيلا وفاسقا ، ومنه قوله تعالى : (وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً) اه.
وأورد الفخر الرازي نحو هذا القول في تفسيره : ٢٤ / ٢٥٤ عن الجبائي ، من أئمة المعتزلة.
وقال الفخر الرازي : «تمسك به الأصحاب في كونه ـ تعالى ـ خالقا للخير والشر».
وأورد أبو حيان في البحر : ٧ / ١٢٠ نص كلام الزمخشري ، وعقّب عليه بقوله : «وإنما فسر «جعلناهم» بمعنى : دعوناهم لا بمعنى صيّرناهم جريا على مذهبه من الاعتزال ؛ لأن في تصييرهم أئمة خلق ذلك لهم ، وعلى مذهب المعتزلة لا يجوزون ذلك من الله ولا ينسبونه إليه».
(٣) إذا جعله قبيحا.
انظر تفسير البغوي : ٣ / ٤٤٧ ، والمفردات للراغب : ٣٩٠ ، وتفسير القرطبي : ١٣ / ٢٩٠.
(٤) أي : مبعدا ، وانظر قول عمار رضياللهعنه في الفائق : ٣ / ٤٠٢ ، وغريب الحديث لابن الجوزي : ٢ / ٢١٥ ، والنهاية : ٤ / ٣.