والذُّبَح نَبْتٌ أَحمرُ له أَصْلٌ ، يُقْشَر عنه قِشْرٌ أَسْودُ فيَخْرُجُ أَبيضَ كأَنه خَرَزَة (١) بيضاءُ ، حُلْوٌ ، طَيِّبٌ ، يُؤْكَل ، واحدته ذُبَحَةٌ وذِبَحَة. حكاه أَبو حَنيفةَ عن الفرّاءِ. وقال أَيضاً : قال أَبو عَمْرٍو الذُّبَحَةُ : شَجرةٌ تَنْبُت على سَاقٍ نَبْتاً كالكُرَّاثِ ، ثم تكون لها زَهرَةٌ صفراءُ وأَصلُها مثْلُ الجَزَرة وهي حُلْوة ، ولَوْنُها أَحمرُ. وقيل : هو نَباتٌ يأْكُلُه النَّعَامُ.
وقال الأَزهريّ : الذَّبيح : المَذْبُوحُ. والأُنثَى ذَبِيحةٌ.
وإِنما جاءَت بالهاءِ لغَلبةِ الاسم عليها (٢). فإِن قُلْت : شاةٌ ذَبيحٌ ، أَو كَبْشٌ ذَبِيحٌ [أو نعجةٌ ذبيحٌ] (٣) ، لم يدخل فيه الهاءُ ، لأَنّ فَعيلاً إِذا كان نَعْتاً في معنَى مَفْعُول يُذكَّر ، يقال: امرأَةٌ قتيلٌ ، وكَفٌّ خَضيبٌ. وقال أَبو ذُؤيب في صِفَة الخَمر :
إِذا فُضَّتْ خَوَاتِمُها وبُجَّتْ |
|
يقال لَها : دَمُ الوَدَجِ الذَّبِيحُ |
قال الفارسيّ : أَراد المذبوحَ عنه ، أَي المشقوقَ من أَجلِه. وقال أَبو ذُؤَيبٍ أَيضاً.
وسِرْبٍ تَطَلَّى بالعَبِيرِ كأَنَّه |
|
دِماءُ ظباءٍ بالنُّحُورِ ذَبِيحُ |
ذَبِيحٌ وَصْفٌ للدِّماءِ على حَذْفِ مُضافٍ تَقديرُه ذَبِيحٌ ظِباؤُه. ووَصَفَ الدِّماءَ بالواحد لأَن فَعيلاً يُوصَف به المُذكّرُ والمُؤَنَّثُ ، والواحدُ فما فَوْقَه ، على صُورةٍ واحدةٍ.
والذَّبِيحُ : لَقَبُ سيِّدِنا إِسماعِيلَ بنِ إِبراهِيمَ الخَلِيلِ عليه وعلى والده الصّلاة والسّلام وهذا هو الّذي صَحَّحَه جماعَةٌ وخَصُّوه بالتَّصْنيف. وقيل : هو إِسحاقُ عليهالسلام. وهو المَرْوِيّ عن ابن عبّاسٍ. وقال المَسْعُوديّ في تاريخه الكبير : إِنْ كَان الذَّبيحُ بمِنًى فهو إِسماعيل ، لأَن إِسحاقَ لم يَدْخُل الحِجَازَ ، وإِنْ كان بالشأْم فهو إِسحاقُ ، لأَنّ إِسماعيل لم يَدْخل الشأْمَ بعد حَمْلِه إِلى مَكَّة. وصَوَّبه ابن الجَوْزِيّ.
ولما تَعارَضَت فيه الأَدِلّةُ تَوَقَّفَ الجَلالُ في الجَزْمِ بواحدٍ منهما. كذا في شَرْح شيخنا. وفي الحديث : «أَنَا ابنُ الذَّبِيحَيْنِ» أَنكره جَماعَةٌ وضَعَّفَه آخرون. وأَثْبَتَه أَهْلُ السِّيَر والمَوَاليد ، وقالوا : الضّعيف يُعْمَلُ به فيهما. وإِنما سُمِّيَ به لأَنّ جَدَّه عبدَ المُطَّلب بنَ هاشمِ لَزِمَه ذَبْحُ وَلدِه عبدِ الله والدِ النَّبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم لنَذْرٍ ، ففَداه بمائة من الإِبلِ ، كما ذَكرَه أَهلُ السِّيَرِ والموالِيدِ.
والذَّبيحُ : ما يَصْلُحُ أَن يُذْبحَ للنُّسُكِ ، قال ابنُ أَحمرَ يُعرِّضُ بِرجُلٍ كان يشتُمُه يقال له سُفيانُ :
نُبِّئْتُ سُفْيانَ يَلْحَانَا ويَشْتُمُنَا |
|
واللهُ يَدْفَعُ عنَّا شرَّ سُفْيانا |
تُهْدَى إِليه ذِراعُ البَكْرِ تَكْرِمَةً |
|
إِمّا ذَبِيحاً وإِمَّا كان حُلّانَا |
والحُلّانُ : الجَدْيُ الّذي يُؤْخَذ من بطْنِ أُمِّه حيًّا فيُذْبَح.
واذَّبَحَ ، كافْتَعَل : اتَّخَذَ ذَبِيحاً كاطَّبخَ : إِذا اتَّخذ طَبيخاً.
والقَوْمُ تَذابحُوا : ذَبَحَ بعضُهم بعضاً. يقال : التَّمَادُحُ التَّذابُحُ ، وهو مجازٌ كما في الأَساس (٤).
والمذْبَح مَكانُه أَي الذَّبْحِ ، أَو المكان الّذي يَقَعُ فيه الذَّبْحُ من الأَرْضِ ، ومكانُ الذَّبْحِ من الحَلْقِ ، لِيَشملَ ما قالَه السُّهيْليّ في الرَّوض : المذْبحُ : ما تَحْت الحَنَكِ من الحَلْق ؛ قاله شيخنا. والمَذْبَح : شَقٌّ في الأرض مِقْدَارُ الشِّبْرِ ونَحْوِه يقال : غادَرَ السَّيْلُ في الأَرضِ أَخَادِيدَ ومذَابِحَ. وفي اللسان (٥) : والمذابحُ : مِن المَسايِل ، واحِدها مَذْبَح ، وهو مَسِيلٌ يَسيلُ في سَنَدٍ أَو عَلَى قَرَارِ الأَرْضِ.
وعَرْضُه فِتْرٌ أَو شِبْرٌ. وقد تكون المذابحُ خِلْقَةً في الأَرضِ.
المُستوِيَة ، لها كهيْئةِ النَّهْر ، يَسيلُ فيها ماؤُها ، فذلك المذْبَح. والمَذابِحُ تكون في جميعِ الأَرضِ : الأَوْدِيةِ وغيرِها وفيما تَواطَأَ من الأَرض.
والمِذْبَح كمِنْبَر : السِّكِّينُ. وقال الأَزهريّ : هو ما يُذْبَح به الذَّبِيحةُ من شَفْرَةٍ وغيرِهَا.
ومن المجاز : الذُّبّاح كزُنّار : شُقُوقٌ في باطِن أَصابِعِ الرِّجْلَيْنِ ممّا يَلِي الصَّدْر. ومنه قولهم : ما دُونَه شَوْكةٌ (٦) ولا
__________________
(١) في التهذيب : «جزرة» وفي اللسان فكالأصل.
(٢) في التهذيب : وأنثّ لأنه ذهب به مذهب الأسماء لا مذهب النعت.
(٣) زيادة عن التهذيب.
(٤) لم ترد العبارة في الأساس ، وهي في اللسان والصحاح.
(٥) والتهذيب أيضاً.
(٦) في الأساس نكبة.