والذَّبْح : الهَلاكُ ، وهو مَجاز ، فإِنه من أَسْرعِ أَسبابِه. وبه فُسِّرَ حديثُ القَضَاءِ : «فكَأَنّما ذُبحَ بغَيْرِ سِكِّينٍ» (١) وذَبَّحَه : كذَبَحه. وقد قُرِىء : يُذْبِحُونَ أَبْنَاءَكُمْ (٢) قال أَبو إِسحاق : القراءَة المُجْمعُ عليها بالتّشديد ، والتخفيف شاذٌّ ، والتَّشديد أَبلغُ لأَنه للتّكثير ، ويَذْبَحون يَصلُح أَن يكون للقليل والكثيرِ ، ومعنى التكثيرِ أَبلغُ.
والذّابِحة : كلُّ ما يجوز ذَبْحُه من الإِبل والبقرِ والغنمِ وغيرِها ، فاعِلة بمعنى مَفْعُولة. وقد جاءَ في حديث أُمِّ زَرْعٍ : «فأَعْطانِي من كلِّ ذابِحة زَوْجاً». والرِّواية المشهورة : «من كلِّ رائحةٍ».
وذَبائحُ الجِنِّ الْمَنهِيُّ عنها : أَنْ يَشترِيَ الرجلُ الدَّارَ أَو يستخرجَ ماءَ العيْنِ وما أَشْبَهه ، فيذْبحَ لها ذَبِيحةً للطِّيَرَة.
وفي الحديث «كلُّ شيْءٍ في البحر مَذْبوحٌ». أَي ذَكِيٌّ لا يحتاج إِلى الذَّبْح. ويُستعار الذَّبْح للإِحلالِ ، فِي حديثِ أَبي الدَّرْدَاءِ رضياللهعنه «ذَبْحُ الخَمْرِ المِلْحُ والشَّمسُ والنِّينانُ» : وهي جَمْعُ نُونٍ : السَّمَك ، أَي هذه الأَشياءُ تَقْلِب الخَمرَ فتستحيلُ عن هَيْئتها فتَحِلّ.
ومن الأَمثال : «كان ذلك مِثْلَ الذِّبْحَةِ على النَّحْرِ».
يُضْرَبُ للَّذي تَخالُه صديقاً فإِذا هو عدُوٌّ ظاهِرُ العَداوةِ.
والمَذْبَحُ من الأَنهار. ضَرْبٌ كأَنه شُقَّ أَو انْشَقَّ.
ومن المجاز : ذَبَحَه الظَّمأُ : جَهَدَه. ومِسْكٌ ذبِيحٌ.
والْتَقَوْا فأَجْلَوْا عن ذَبِيح ، أَي قَتِيلٍ.
[ذحح] : الذَّحُّ : الضَّرْبُ بالكَفِّ ، والجِمَاعُ ، لُغَة في الدَّحّ ، بالمهملة. والذَّحُّ : الشَّقُّ. وقيل : الدَّقّ ، كلاهما عن كُرَاع.
والذَّحْذَحَة : تَقارُبُ الخَطْوِ مع سُرْعةٍ. وفي أُخرى : مع سُرْعَتِه.
والذَّوْذَحُ ، وذكَره ابن منظورٍ في ذذح : الّذي يُنْزلُ المَنِيَّ قَبْلَ أَن يُولِجَ ، أَو العِنِّين (٣) ، كذا وُجِدَ زيادةُ هذه في بعضِ النُّسخ.
والذَّحْذُحُ ، بالضَّمّ فيهما ، والذَّحْذَاحُ ، بالفتح : القَصِيرُ.
وقيل : القَصيرُ البَطِينُ ، والأُنثى بالهاءِ ؛ قاله يعقوبُ. وفي التّهذيب : قال أَبو عمرٍو : الذَّحَاذِح : القِصارُ من الرِّجال ، واحدُهم ذَحْذَاحٌ. قال : ثم رجعَ إِلى الدّال ، وهو الصّحيح ، وقد تقدّم.
وذَحْذَحت الرِّيحُ التُّراب : إِذا سَفَتْه (٤) ، أَي أَثارتْه.
[ذرح] : الذُّرّاح ، كَزُنَّار ، وبه صَدّرَ الجَوْهرِيّ والزَّمَخْشَريّ وقُدُّوسٍ ـ بالضّمّ على الشّذوذ. وهو أَحدُ الأَلفاظِ الثلاثةِ التي لا نظيرَ لها ، جاءَت بالضّمّ على خلافِ الأَصلِ : سُبُّوحٌ وقُدُّوسٌ وذُرُّوحٌ ، لأَنّ الأَصل في كلّ فعُّولٍ أَن يكون مفتوحاً. وفي الصّحاح : وليس عند سيبويهِ في الكلام فُعُّول بواحدةٍ. وكان يقول : سَبُّوح وقَدُّوس ، بفتح أَوائلهما. قال شيخنا : قلت : يريد (٥) بالضّمّ ، وبواحدةٍ معناه فقط ، وكثيراً ما يستعملونه بمعنى البَتَّة.
قلت : وفي هامش الصّحاح : قال ابن برِّيّ : قوله بواحِدة : أَي بضمَّة واحدةٍ ، يعني في الفاءِ. وإِنما الصّواب أَن يكون بضمَّتين : ضمّ الفاءِ والعين كذا وَجدْت. وما ذكره شيخُنا أَقرَبُ.
قال شيخنا : وقوله : وكان يقول : سَبّوحٌ وقَدّوس ، بفتح أَوائلهما ، صَريحٌ في أَنّ سيبويهِ لم يَحْكِ الضّمّ فيهما.
وليس كذلك ، فإِنّ سيبويهِ حكَى الضّمّ فيهما مع الفتح أَيضاً ، كما في الكتاب وشُروحه. والعَجب من المصنّف كيفَ غَفَلَ عن التّنبيه عن هذا ـ وسِكِّين أَي بالكسر ، وسَفُّودٍ أَي بالفتح ، وهو الأَصل في فَعُّول ، كما تقدّم التنبيهُ عليه ، وصَبُورٍ ، وغُرَابٍ ، وسُكَّرٍ ، وفي نُسخة : قُبَّرٍ ، وكَنِينةٍ (٦) هكذا بالنون من الكِنّ. وفي نسخة : سَكِينة ، والذُّرْنُوحُ
__________________
(١) معناه التحذير من طلب القضاء والحرص عليه ، أي من تصدى للقضاء وتولاه فقد تعرض للذبح فليحذره.
وقوله بغير سكين ، يحتمل وجهين : أحدهما أن الذبح في العرف إِنما يكون بالسكين فعدل عنه ليعلم أن الذي أراد به ما يخاف عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه ، والثاني أن الذبح الذي يقع به راحة الذبيحة وخلاصها من الألم إِنما يكون بالسكين ، فإِذا ذبح بغير السكين كان ذبحه تعذيباً له.
(٢) سورة البقرة الآية ٤٩.
(٣) في نسخة أخرى من القاموس وردت فيها «أو العنين».
(٤) قاله ابن دريد : الجمهرة ١ / ١٣٦.
(٥) بهامش المطبوعة المصرية : «قوله يريد ، أي يريد سيبويه بقوله : فعول بالضم».
(٦) في القاموس : وكنيسة.