بالنون مع ضَمّ أَوَّلِه ، وحكَى جماعةٌ فيه الفَتْحَ أَيضاً ، لأَنّ وزْنَه فُعْنُول لأَنّ نُونه زائدةٌ ، فلا يَرِدُ ضابِطُ فُعْلُولٍ ، كما لا يَخْفَى ؛ قاله شيخنا ، وجَمَعوه على ذَرانِحَ ؛ حكاه أَبو حاتمٍ وأَنشد :
ولما رَأَتْ أَنّ الحُتوفَ اجْتَنَبْنَنِي |
|
سَقَتْني على لُوحٍ دِمَاءَ الذَّرانحِ |
قال شيخنا : قلت : وصواب الإِنشاد :
فلما رَأَتْ أَن لا يُجيبَ دُعاءَهَا |
|
سَقَتْه على لُوحٍ دماءَ الذَّرارِحِ |
قاله ابن منظور وغيره ، والذُّرُحْرُحُ (١) بالضّمّ ، وتُفْتَح الرّاآنِ ، وقد يُشدَّد ثانيه يعني الرّاءَ الأُوَلى ، وقد تُكسر الرّاءُ الثانِية أَيضاً ، عن ابن سيده. فهذه اثنتا عشرةَ لغةً. وقد يُؤخذ منه بالعناية أَرْبعَ عَشرةَ. ومع ذلك فقد فاتَتْه لُغاتٌ كثيرةٌ غير الكُنَى. منها ذُرَحٌ كصُردٍ ، حكاها ابن عُدَيْس عن ابن السِّيد. وذَرّاحٌ ككَتّان ، حُكِيَ عن ابن عُديس عن ابن خالَويْه أَنه حكاه عن الفرَّاءِ. وذِرِّيحة بالكسر والتشديد وهاءِ التأْنيث ، حكاه ابن التّيّانيّ وابن سيده. وذُرَحْرَحة بالضّبط المتقدّم بهاءٍ. وذُرُّوحة بالضمّ وهاءٍ ، حكاهما ابن سيده. وذُرْنُوحَة بالضّمّ مع هاءٍ ، حكاها ابن سيده في الفَرق وابن دُرُسْتَوَيه وأَبو حاتمٍ. فهؤلاءِ ستُّ لغاتٍ. وأَمّا الأَلفاظ التي وردَتْ بالكُنْية [فقد] حكاها كُراع في المُجرّد ، قال : وطائرٌ صغيرٌ يقال له أَبو ذُرَحْرَح وأَبو ذِرْيَاحِ وأَبو ذُرّاح ، وأَبو ذُرَحْرحَةَ لا يَنصرفُ مثل ابن قُنْبُرَةَ. كلّ ذلك دُوَيْبَّة.
قال ابن عُديْس : أَعظمُ من الذُّباب حَمْراءُ مُنَقَّطَةٌ بسَواد ، قال ابن عُديس : مُجزَّعٌ مُبَرْقَش بحُمرةٍ وسَوادٍ وصُفرةٍ ، لها جَناحانِ ، تطيرُ بهما ، وهي من السُّمومِ القاتلة. فإِذا أَرادوا أَن يَكْسِرُوا حَرَّ (٢) سُمِّه خَلَطوه بالعَدَس ، فيصير دَواءً لمن عَضّه الكَلْبُ الكَلِبُ. وقال ابن الدّهّان اللُّغَوِيّ : الذُّرُّوحُ : ذُبَابٌ مُنَمْنَمٌ بِصُفْرةٍ وبياضٍ ، وفَرْخُهُ الدَّيْلَمُ. وقال التُّدْمِيريّ (٣) في شرْح الفَصيح : هو اسمُ طائرٍ ، فيما نقلْته من خطّ القاضى أَبي الوَليد. قال التُّدميريّ : وذَكَر بعضُ حُذّاق الأَطبّاءِ أَن الذُّرُّوحَ حَيَوانٌ دُودِيّ ، كأَنّه نِسْبَةٌ إِلى الدُّود تشبيهاً به ، في قَدْر الإِصبع ، وهو صَنَوْبَرِيُّ الشّكْلِ ، ورأْسُه في أَغْلَظِ مَوْضعٍ منه. وقال ابن دُرُسْتَوَيْه : هي دَابَّةٌ طيَّارةٌ تُشْبِه الزُّنْبورَ ، من السُّمومِ القاتلةِ (٤). ج ذَرَاريحُ ، وذُرّاحٌ ، كما في اللِّسَان. وحكَى كُراع في المُجَرَّد : ذَرَارِح.
وقال : هي زَنَابِيرُ مَسمومةٌ ، ولم يَصفْها. قال أَبو حاتم : الذَّرارِيحُ الوَجْهُ ، وإِنّما يقال : ذَرارِحُ في الشِّعر. وفي الصّحاح : وقال سيبويه : واحدُ الذَّراريحِ ذُرَحْرَحٌ قال الرّاجز :
قالَتْ له وَرْياً إِذَا تَنَحْنَحْ |
|
يا لَيْتَه يُسْقَى عَلَى الذُّرَحْرَحْ |
وهو فُعَلْعَل ، بضمّ الفاءِ وفتح العَيْنَيْنِ. فإِذا صغَّرْتَ حَذفتَ اللّام الأُولى وقلت : ذُرَيْرِحٌ ، لأَنه ليس في الكلام فَعْلَعٌ إِلا حَدْرَد.
قال شيخنا : ويأْتي في حَدْرَد في الدّال : أَنه اسم رجل.
وذَرَحَ الطَّعَامَ كمَنَعَ : جعلَه أَي الذُّرّوحَ فيه. وطعامٌ مَذْروحٌ ، كما في الأَساس (٥) والتهذيب ، كذَرَّحه تَذريحاً.
وفي الصحاح (٦) : وذَرَّحْت الزَّعْفَرَانَ وغيرَه في الماءِ تَذْريحاً : إِذا جَعَلْتَ فيه منه شيئاً يسيراً.
وذَرَّحَ الشَّيْءَ في الرِّيحِ : ذَرّاه عن كُراع.
ويقال : أَحْمَرُ ذَرِيحيٌّ ، كوَزِيريّ : أُرْجُوانٌ بالضّمّ ، أَي شَدِيدُ الحُمرةِ. وفي الأساس : «قانىء». وهو من الأَلفاظ المؤكِّدة للأَلوانِ ، كأَبْيضَ ناصِعٍ ، وأَخْضَرَ يانِعٍ ؛ أَورده الزَّمَخْشريّ في الكشاف.
والذَّرِيح كأَمِيرٍ : الهِضابُ ، واحِدُه الذَّرِيحةُ بهاءٍ.
والذَّرِيح : فَحْلٌ تُنْسب إِليه الإِبلُ وهي الذَّرِيحِيَّات. قال الراجز :
__________________
(١) زيد في إِحدى نسخ القاموس : «كفُعُلْعل» ومثلها في الصحاح بفتح ثانيه ورابعه (يعني الراءين من ذرحرح ، وقد أشار في القاموس إِلى ذلك.
(٢) في التهذيب واللسان : حدّ.
(٣) بالأصل : الترمذي.
(٤) في حياة الحيوان للدميري : والذراح أنواع فمنه ما يتولد من الحنطة ومنه دود الصنوبر ومنه ما في أجنحته خطوط صفر ولونه مختلف وأجسامها كبار طوال ممتلئة قريبة الشبه من نبات وردان. وقال القزويني في عجائب المخلوقات : الدرحرح يقال إِنها سم من أكلها تقرحت مثانته ويسد بوله ويظلم بصره ويتورم القضيب والعانة ويعرض مع ذلك أخلاط في العقل.
(٥) في التهذيب : فكالأصل ، وفي الأساس : طعامٌ مُذرَّح.
(٦) ومثله في التهذيب.