أقول : القول الآخر هو قول الشيخ في المبسوط ، وهو أن رجع على الوكيل ، رجع الوكيل على الشفيع لحصول التلف في يده ، فيستقر الضمان ، لأن المباشرة أقوى من السبب ، والمعتمد اختيار المصنف ، لأن المباشرة ضعفت بالغرور ، فصار السبب أقوى ، فيستقر الضمان على الوكيل.
قال رحمهالله : وتبطل الشفعة بترك المطالبة مع العلم وعدم الغرر ، وقيل : لا تبطل إلا أن يصرح بالإسقاط وإن تطاولت المدة ، والأول أظهر.
أقول : الخلاف هنا مبني على الخلاف باشتراط الفورية وعدم الاشتراط ، وقد سبق البحث في ذلك (٢٢) ، والمعتمد البطلان مع التأخير لغير عذر.
قال رحمهالله : ولو نزل عن الشفعة قبل البيع لم تبطل مع البيع ، لأنه إسقاط ما لم يثبت ، وفيه تردد ، وكذا لو شهد على البيع ، أو بارك للمشتري أو للبائع ، أو أذن للمشتري في الابتياع ، فيه تردد ، لأن ذلك [ ليس ] أبلغ من الاسقاط قبل البيع.
أقول : منشأ التردد في الجميع ، من حصول أمارة الرضا بالبيع على الغير وهو مسقط للشفعة ، لأنها إنما شرعت الإزالة ضرر الشريك ، ومع الرضا يزول الضرر ، ومن أن الشفعة انما تثبت بعد البيع ، والاسقاط قبله إسقاط لما لم يثبت فلا عبرة فيه ، وهو مذهب ابن الجنيد وابن إدريس ، وظاهر المصنف واختاره العلامة في القواعد وابنه ، والسقوط مذهب الشيخين وابن حمزة ، لأنه تمكن من دفع الضرر ولم يفعل ، فتبطل شفعته.
قال رحمهالله : ولو بان الثمن مستحقا بطلت الشفعة لبطلان العقد ، وكذا لو تصادق الشفيع والمشتري غصبية الثمن ، أو أقرّ الشفيع بغصبيته ، منع من المطالبة ، وكذا لو تلف الثمن المعين قبل قبضه لتحقق البطلان على تردد في هذا.
__________________
(٢٢) ص ١٠٨ ـ ١٠٩.