الثانية : إذا كان لشخص نهر في ملك غيره فادعى مالك النهر الحريم ، وادعاه مالك الأرض ، قال المصنف : يقضى به لمالك النهر ، لأنه يدعي ما يشهد به الظاهر ، ثمَّ تردد المصنف في ذلك ومنشأ التردد من أن الحريم من جملة الأرض وهي لغير مالك النهر فيكون القول قول مالك الأرض ، ومن ان الحريم ملازم للنهر ، وثبوت الملزوم يستلزم ثبوت اللازم فيكون دعوى مالك النهر موافقة للظاهر ، فيكون القول قوله ، وهو اختيار المصنف والعلامة في القواعد والتحرير.
الثالثة : في حريم بئر المعطن بكسر الطاء ، وهي التي يسقى منها الإبل ، أربعون ذراعا ، وحريم بئر الناضح ، وهي التي يسقى منها الزرع ـ والناضح اسم للجمل أو الثور الذي يجذب الدلو ـ ستون ذراعا ، وحريم العين ألف ذراع في الأرض الرخوة ، وفي الصلبة خمس مائة ذراع ، هذا هو المشهور بين الأصحاب.
وقال ابن الجنيد : حد ذلك أن لا يضر الثاني بالأول ، واختاره العلامة في المختلف ، والأول هو المعتمد لورود الروايات (٦) الصحاح به.
قال رحمهالله : الثالث أن لا يسميه الشارع مشعرا للعبادة ، كعرفة ومنى والمشعر ، فإن الشرع دل على اختصاصها موطنا للعبادة ، فالتعرض لتملكها تفويت لتلك المصلحة ، أما لو عمر فيها ما لا يضر ولا يؤدي الى ضيقها عما يحتاج اليه المتعبدون كاليسير ، لم أمنع منه.
أقول : منع العلامة في القواعد والتحرير ، والشهيد في الدروس من إحياء اليسير من هذه المواضع لتعلق حقوق الخلق كافة بها وهو المعتمد.
قال رحمهالله : الرابع : أن لا يكون مما أقطعه إمام الأصل ولو كان مواتا خاليا من تحجير ، كما أقطع النبي صلىاللهعليهوآله الدور وأرضا بحضر موت ،
__________________
(٦) أما حريم المعطن والناضح ففي الوسائل ، إحياء الموات ، باب ١١ ، حديث ٥.
وأما حريم العين فالمصدر السابق ، حديث ٣.