قال رحمهالله : إذا وجد اثنان متفاوتان في الفضيلة مع استكمال الشرائط المعتبرة فيهما ، فان قلد الأفضل جاز ، وهل يجوز العدول الى المفضول؟ فيه تردد ، والوجه الجواز ؛ لان خلله ينجبر بنظر الإمام.
أقول : إذا تساويا في الشرائط المعتبرة في القاضي ، وكان أحدهما أفضل من الآخر ، إما بزيادة علم أو زهد ، هل يجوز للإمام تولية المفضول؟ اختار المصنف والعلامة في القواعد وابنه الجواز لان خلله ينجبر بنظر الامام ، وظاهر العلامة في التحرير والشهيد في الدروس عدم الجواز ، لعموم قبح تقديم المفضول على الفاضل.
تنبيه : هذا الخلاف إنما هو في حال ظهور الامام وكونه المتولي لنصب المفضول ، أما في حال الغيبة فإنه لا يجوز العدول عن الفاضل الى المفضول ، نص العلامة في القواعد والشهيد على ذلك ، ولأن العلة المبيحة لتقديم المفضول على الخلاف ـ وهي جبر خلله بنظر الإمام ـ منتفية في حال الغيبة ، فحينئذ يجب الترافع إلى الأعلم ، فإن تساويا فالاورع ، فلو كان أحدهما أعلم والآخر أورع رجح الأعلم ؛ لأن ما فيه من الورع يحجز عن التهجم على الحرام ويبقى علمه لا معارض له.
قال رحمهالله : أما أخذ الجعل من المتحاكمين ففيه خلاف ، والوجه التفصيل ، فمع عدم التعيين وحصول الضرورة ، قيل : يجوز ، والاولى المنع ، ولو اختل الشرطين لم يجز.
أقول : حكى الشيخ في المبسوط عن قوم ، جواز أخذ الجعل للقاضي من أحد المتحاكمين بشرط الضرورة وعدم التعيين ، وكذلك نقله المصنف والعلامة والشهيد ، واختار الجميع المنع ؛ لأنه يؤدي واجبا فلا يجوز أخذ الأجرة عليه ، ولأنه نوع من الرشوة وهو حرام.