وأما غير ذلك من الحقوق فقد قال الشيخ في الخلاف والمرتضى وأبو الصلاح : يجوز مطلقا ، سواء كان إمام الأصل أو غيره ، وسواء كان الحق لله وأو لآدمي ، واختاره المصنف والعلامة وابنه والشهيد وأبو العباس ، لقوله تعالى (الزّانِيَةُ وَالزّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ واحِدٍ مِنْهُما مِائَةَ جَلْدَةٍ) (٧) وقوله تعالى (وَالسّارِقُ وَالسّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما) (٨) علق الحكم على ثبوت الوصف وهو خطاب للحاكم (٩) ، فاذا علم الحاكم بثبوت الوصف وجب الحكم بموجبة ، وإذا ثبت ذلك في الحدود ففي غيرها أولى ، ولان الحكم بالشاهدين ظن والعلم يقين ، ومحال في الحكمة جواز الحكم مع الظن ومنعه مع اليقين ، ولأنه لو لم يحكم بعلمه لزم فسق الحاكم أو إيقاف الحكم ؛ لأنه إذا طلق الرجل زوجته ثلاثا ثمَّ جحد الزوج الطلاق مطلقا (١٠) كان القول قوله مع يمينه ، وإذا حكم الحاكم بغير علمه وهو إحلاف الزوج وتسليمها اليه فسق ؛ لأنه سلطه على فرج يعلم تحريمه عليه ، وإن لم يعلم (١١) بشيء لزم إيقاف الحكم وكذا لو غصب مال رجل بحضرته ثمَّ جحده ، فإنه يقضي الى ما قلناه ، فلم يبق إلا الحكم بعلمه وهو المعتمد.
وقال ابن حمزة وابن إدريس : أما الامام فيحكم بعلمه مطلقا ، وأما غيره ففي حقوق الناس دون حقه تعالى ؛ لان حقوقه تعالى مبنية على التخفيف.
قال رحمهالله : الحاكم إذا عرف عدالة الشاهدين حكم ، وإن عرف فسقهما أطرح ، وإن جهل الأمرين بحث عنهما ، وكذا لو عرف إسلامهما وجهل عدالتهما وقف حتى يتحقق ما يبني عليه من عدالة أو جرح ، وقال في الخلاف : يحكم ، وبه
__________________
(٧) النور : ٢.
(٨) المائدة : ٣٨.
(٩) في « ن » : للحاكم.
(١٠) ليست في « م » و « ن » و « ر ١ ».
(١١) في غير « ر ١ » : يحكم.