على نفسه فعدم قبوله على غيره أولى ، وهو قوي ، لكن مخالفة ما أجمع عليه الأصحاب مشكل.
قال رحمهالله : وتقبل شهادة الذمي خاصة في الوصية إذا لم يوجد من عدول المسلمين من يشهد بها ، ولا يشترط كون الموصي في غربة ، وباشتراطه رواية مطرحة ، ويثبت الإيمان بمعرفة الحاكم أو قيام البينة أو الإقرار. وهل تقبل شهادة الذمي على الذمي؟ قيل : لا ، وكذا لا تقبل على غير الذمي ، وقيل : تقبل شهادة كل ملة على ملتهم ، وهو استناد إلى رواية سماعة ، والمنع أشبه.
أقول : أجمع أصحابنا على عدم قبول شهادة غير المؤمن المحق العدل ، مسلما كان أو كافرا ، لاتصافه بالفسق فهو غير مقبول الشهادة وان كان موثقا ، إلا شهادة الذمي في الوصية ، فإنهم أجمعوا على قبولها بشروط ثلاثة : الأول : تعذر عدول المسلمين ، وكون الشاهد عدلا في دينه ، معتقدا تحريم الكذب ، وكون الشهادة على الوصية في المال دون الولاية. وهل يشترط كون الموصي غريبا مسافرا؟ قال أبو الصلاح وابن الجنيد : نعم ، لأصالة عدم قبول شهادة الكافر ، خرج منه قبول شهادة الذمي في الوصية بالشروط المذكورة مع السفر ، لقوله تعالى (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ) (٤) ، اشترط في القبول الضرب في الأرض وهو السفر ، ولما رواه حمزة بن حمران عن الصادق عليهالسلام ، « قال : سألته عن قول الله عزوجل (ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ)؟ قال : اللذان منكم مسلمان ، واللذان من غيركم من أهل الكتاب ، قال : انما ذلك إذا مات الرجل المسلم في أرض غربة ، وطلب رجلين مسلمين يشهدهما على وصيته ، فلم يجد مسلمين ، يشهد على وصيته رجلين ذميين من
__________________
(٤) المائدة : ١٠٦.