قال رحمهالله : ولو رجعا عن الشهادة قبل الحكم لم يحكم ، ولو رجعا بعد الحكم والاستيفاء وتلف المحكوم به ، لم ينقض الحكم وكان الضمان على الشهود ، ولو رجعا بعد الحكم وقبل الاستيفاء ، فان كان حدا لله نقض الحكم للشبهة الموجبة للسقوط ، وكذا لو كان للادمي كحد القذف ، أو مشتركا كحد السرقة ، وفي نقض الحكم لما عدا ذلك من الحقوق تردد.
أقول : منشؤه من ان الشهادة إثبات حق يجري مجرى الإقرار ، والرجوع نفي ذلك الحق ، فهو جار مجرى الإنكار بعد الإقرار ، فلما لم يبطل الحكم بالإقرار (٧٩) بحدوث الإنكار لم يبطل الحكم بالشهادة بحدوث الرجوع ، ولأن رجوعهما ليس شهادة منهما ، ولهذا لم تفتقر الى لفظ الشهادة ، فلا يسقط حقه بعد ثبوته بما ليس بشهادة عليه ، ولا إقرار (٨٠) منه ، ولأن الشهادة أثبتت الحق ، فلا يزول بالطارئ كالفسق ، ومن أن الحق ثبت بشهادتهما فاذا رجعا سقط كما لو كان
__________________
(٧٩) في الأصل : الإقرار.
(٨٠) في « ن » و « ر ١ » : والإقرار.