أقول : منشأ التردد من أن وقوع الذكاة حكم شرعي فيقف على الدليل الشرعي وليس ، ولأن ذبح الحيوان وقتله محظور ما لم يرد الشرع بإباحته لما فيه من التعذيب ، وقد نهى (٥١) النبي صلىاللهعليهوآله عن تعذيب الحيوان ، فلا يصح الا مع ورود الشرع به ، ومن أنها طاهرة فتصح ذكاتها للانتفاع بجلودها أيضا كالمسوخ ، والمشهور عدم الوقوع وهو المعتمد.
قال رحمهالله : الرابع : السباع كالأسد والنمر والثعلب ، ففي وقوع الذكاة عليها تردد ، والوقوع أشبه ، وتطهر بالذكاة ، وقيل : لا تستعمل مع الذكاة حتى تدبغ.
أقول : البحث هنا في موضعين :
الأول : في وقوع الذكاة عليها ، وهو المشهور بين الأصحاب ، لأنهم جوزوا استعمال جلود السباع وجلود الثعلب والأرنب ، ولو لا وقوع الذكاة عليها (٥٢) لما جاز استعمال جلودها ، وقيل بعدم الوقوع ، لعدم الدليل عليه ، والأول هو المعتمد.
الثاني : في جواز استعمال جلود ما لا يؤكل لحمه بعد الذكاة وقبل الدباغ ، وبالجواز قال المصنف في كتاب الصلاة ، واختاره العلامة في التحرير ، وهو ظاهر فخر الدين والشهيد في شرح الإرشاد ، لأنه إما أن يطهر بالتذكية أو لا ، فان لم يطهر لم يجز استعماله بعد الدباغ ، لأن الدباغ غير مطهر عندنا ، وإن طهر جاز استعماله قبل الدباغ ، لأنه طاهر.
وقال الشيخان والمرتضى وابن البراج وابن إدريس : لا يجوز الاستعمال قبل الدباغ ، للإجماع على جوازه بعده ولا دليل على جوازه قبله.
__________________
(٥١) تقدم في الصفحة السابقة.
(٥٢) هذه الكلمة من « م » و « ر ١ ».