عرفوا المحارب بأنه من جرد السلاح لإخافة المسلمين ، فاذا حصل ذلك كان محاربا ، وهو اختيار المصنف والعلامة وابنه ، ومن أنه إذا كان ضعيفا عن الإخافة لم يكن صالحا لها ، فلا فائدة في تجريده وقصده الإخافة مع ضعفه ، فيكون وجود فعله وعدمه سواء ، والمعتمد الأول لسلوكه طريق المحاربين ، فيجزى بقصده ونيته.
قال رحمهالله : وحد المحارب القتل أو الصلب أو القطع مخالفا أو النفي ، وقد تردد فيه الأصحاب ، فقال المفيد رحمهالله بالتخيير ، وقال الشيخ أبو جعفر رحمهالله بالترتيب.
أقول : التخيير مذهب المفيد وسلار وابن إدريس ، واختاره المصنف والعلامة في المختلف وابنه وأبو العباس ، لدلالة القرآن (١٠٥) عليه ، والترتيب المحكي في المتن للشيخ وابن البراج ، للروايات الدالة عليه ، كرواية عبد الله المدائني (١٠٦) عن الصادق عليهالسلام.
قال رحمهالله : أما لو جرح طلبا للمال كان القصاص إلى الولي ، ولا يتحتم الاقتصاص في الجرح بتقدير أن يعفو الولي على الأظهر.
أقول : أجمع الكل على تحتم قتل المحارب إذا قتل غيره طلبا للمال ، فان كان المقتول كفؤا قتل قصاصا ، وان عفى الولي أو كان المقتول غير كفوء قتل حدا ، هذا في صورة القتل بلا خلاف.
فلو لم يقتل بل جرح جرحا يوجب القصاص في غير المحاربة طلبا للمال ، هل يتحتم القصاص كما يتحتم القتل سواء عفى الولي أو لم يعف ، أو إذا عفى الولي
__________________
(١٠٥) المائدة : ٣٣.
(١٠٦) الوسائل ، كتاب الحدود ، باب ١ من أبواب حد المحارب ، حديث ٤ ، وفيه ( عبيد الله ) بدل ( عبد الله ).