القود ثمَّ رجح وجوب الدية دون القود ، واختاره العلامة وابنه وهو اختيار الأكثر ؛ لأن شرط القود تحقق القتل ظلما ، وهو غير متحقق ، والشك في الشرط يستلزم الشك في المشروط ، وقال المفيد بوجوب القود للرواية المذكورة والأول هو المعتمد ، وان كان الثالث ، وهو أن يوجد ميتا فقد تردد المصنف في لزوم الدية ثمَّ رجح عدم اللزوم ، ومنشؤه من أصالة براءة الذمة ، فلا يلزمه شيء ، وهو مذهب ابن إدريس ، إذا ادعى أنه مات حتف أنفه ولا لوث من عداوة أو خصومة ، ومع اللوث يحلف الولي القسامة ، ويثبت القود عند ابن إدريس والدية عند العلامة ، ومن كونه مضمونا حتى يرجع الى منزله فتجب الدية ، وهو المشهور بين الأصحاب وهو المعتمد.
قال رحمهالله : روى عبد الله بن طلحة عن أبي عبد الله عليهالسلام : في لص دخل على امرأة فجمع الثياب ووطأها قهرا ، فثار ولدها فقتله اللص ، وحمل الثياب ليخرج ، فحملت هي عليه فقتلته ، فقال : يضمن مواليه دية الغلام ، وعليهم فيما ترك أربعة آلاف درهم لمكابرتها على فرجها ، وليس عليها في قتله شيء ، ووجه الدية فوات محل القصاص ، وإيجاب المال دليل على أن مهر المثل في مثل هذا ، لا يتقدر بخمسين دينارا ، بل بمهر أمثالها ما بلغ. وتنزّل هذه الرواية على أن مهر أمثال القائلة هذا القدر.
أقول : هذه الرواية (٢٠) من المشاهير بين الأصحاب ، وقد تضمنت أحكاما غير خالية عن الاعتراض (٢١):
الأول : إيجاب الغلام والجناية عمدا موجبها القصاص ، وأجيب
__________________
(٢٠) الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ٢ من أبواب قصاص النفس ، حديث ٢.
(٢١) في « ن » : الاعراض.