قال رحمهالله : لا يجوز أن يأكل الإنسان من مال غيره إلا بإذنه ، وقد رخص مع عدم الاذن في التناول من بيوت من تضمنته الآية إذا لم يعلم منه الكراهية ، ولا يحمل منه ، وكذا ما يمر به الإنسان من النخل ، وكذا الزرع والشجر على تردد.
أقول : الأصل عدم جواز التصرف في مال الغير بغير إذنه ، لقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ) (٥٨) ، وقوله عليهالسلام : « المسلم أخو المسلم لا يحل ماله الا عن طيب نفس منه » (٥٩) ، واخرج النص من هذا الأصل وجوها :
الأول : ثبوت من تضمنته الآية ، وهي قوله تعالى (وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ) (٦٠) إلى آخر الآية ، واشترط الأصحاب عدم علم الكراهية فلو تيقن الكراهية لم يحل الأكل ، ولو لم يعلم هل يكره أم لا؟ جاز الأكل لأصالة عدم الكراهية ، لأنه ألا يشترط علم عدم الكراهية بل يشترط عدم علم الكراهية والا لم يحصل الفرق (٦١) بين ثبوت من تضمنته الآية وبين غيرها ، لأنه مع علم عدم الكراهية يجوز الأكل من جميع البيوت ، لأن علم عدم الكراهية يقوم مقام الاذن الصريح في جواز الأكل من جميع البيوت ، ويكفي في ذلك غلبة الظن.
ونقل ابن إدريس عن بعض أصحابنا أنه لا يأكل إلا ما يخشى عليه التلف ،
__________________
(٥٨) البقرة : ١٨٨.
(٥٩) المضمون موجود في الوسائل ، كتاب القصاص ، باب ١ من أبواب القصاص في النفس ، حديث ٣ ، والمستدرك ، كتاب القصاص ، باب ١ من أبواب القصاص في النفس ، حديث ٦ ـ ٢٣.
(٦٠) النور : ٦١.
(٦١) ليست في الأصل.