اسمٌ للجَمْع ، وقال الأَخفشُ هو جَمْعٌ ، وجج ، أَي جمع الجمْع : شُهُودٌ ، بالضمّ وأَشْهَادٌ ، ويقال إِن فَعْلاً بالفَتْح لا يُجمَع على أَفعال إِلّا في الأَلفاظ الثلاثة المعلومة (١) لا رابعَ لها ، نقله شيخُنَا.
واستَشْهَدَهُ : سأَله الشَّهَادةَ ، ومنه لا أَسْتَشْهِدُه كاذِباً. وفي القرآن : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ) (٢) واستشهدتُ فُلاناً على فلانٍ : سأَلْته إِقامَةَ شَهادةٍ احتَمَلها. وأَشهَدْت الرجُلَ على إِقرارِ الغَرِيمِ ، واستَشهَدْته ، بمعنًى واحدٍ. ومنه قوله تعالى : (وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ) (٣) أَي أَشْهِدُوا شاهِدَيْنِ.
والشَّهِيدُ وتُكْسَرُ شِينُه ـ قالَ اللّيْث : وهي لُغَة بني تميم ، وكذا كُلّ فَعِيلٍ حَلْقِيِّ العَيْنِ ، سواءٌ كان وصفاً كهذا ، واسماً جامداً كرغِيف وبعِير. قال الهَمْدانيُّ في «إِعراب القرآن» : أَهلُ الحجاز وبنو أَسَدٍ يقولون : رَحِيم ورَغيف وبَعير ، بفتح أَوائِلِهِنَّ. وقَيس ، ورَبِيعَة ، وتَمِيم ، يقولون : رِحِيم ورِغِيف وبِعِير ، بكسر أَوائلهنّ. وقال السُّهَيْليُّ في «الروض» : الكسر لغةُ تَمِيمٍ في كلِّ فَعِيلٍ عَيْنُ فعْله همزةٌ أَو غيرُهَا من حُرُوف الحَلْق ، فيكسرون أَوّله ، كرِحِيم وشِهِيد. وفي «شرح الدُّرَيْدِيَّة» لابن خالويه : كل اسمٍ على فَعِيل ثانيه حرْفُ حَلْقٍ يجوز فيه إِتباعُ الفاءِ العَيْنَ ، كبِعِير وشِعِير ورِغِيف ورِحِيم. وحكى الشيخُ النّووِيُّ في «تحريره» عن الليث : أَنَّ قوْماً من العرب يقولون ذلك وإِن لم يكن عينُه حَرْفَ حلْق ، ككِبِير وكِرِيم وجِلِيل ونحْوِه. قلت : وهم بَنُو تَمِيم. كما تقدَّم. ـ الشَّاهِدُ وهو العالِم الّذي يُبيِّنُ ما عَلِمَه. قاله ابن سيده.
والشَّهِيدُ ، في أَسماءِ الله تعالى : الأَمينُ في شَهادَةٍ ، ونصّ التكملة : في شهادَتِه (٤) *. قاله أَبو إِسحاق وقال أَيضاً : وقيل : الشَّهِيد ، في أَسمائِهِ تعالى : الذي لا يَغِيبُ عن عِلْمِهِ شَيْءٌ والشَّهِيدُ : الحاضِرُ. وفَعِيلٌ من أَبْنِيَةِ المبالغةِ في فاعِل ، فإِذا اعتُبِر العِلمُ مُطْلَقاً فهو العَلِيمُ ، وإِذا أُضِيفَ إِلى الأُمُورِ الباطِنَةِ فهو الخَبِيرُ ، وإِذا أُضِيفَ إِلى الأُمورِ الظاهِرَةِ فهو الشَّهِيدُ. وقد يُعْتَبَرُ مع هذا أَن يَشْهَدَ على الخَلْقِ يومَ القيامَة.
والشَّهِيد ، في الشَّرْع : القَتِيل في سَبِيلِ الله واختُلِف في سبب تَسميته فقيل : لأَنَّ ملائِكَةَ الرَّحْمَةِ تَشْهَدُهُ ، أَي تَحْضُر غُسْلَه أَو نَقْلَ رُوحِهِ إِلى الجَنَّة ، أَو لأَنَّ الله* وملائِكَتَه شُهودٌ له بالجَنَّةِ ، كما قاله ابن الأَنبارِيّ. أَو لأَنّهُ مِمَّن يُسْتَشْهَدُ يومَ القِيَامَةِ مع النّبيِّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم على الأُمَمِ الخالِيَةِ التي كَذَّبت أَنبياءَها في الدُّنيا. قال الله عزوجل : (لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً) (٥) وقال أَبو إِسحاق الزَّجَّاج : جاءَ في التفسير أَنَّ أُمَمَ الأَنبياءِ تُكَذِّبُ في الآخرةِ (٦) مَن أُرسِلَ إِليهم فيَجْحَدُون أَنبياءَهُم ، هذا فيمن جَحَدَ في الدُّنْيا منهم أَمْرَ الرُّسلِ ، فتَشْهَدُ أُمَّةُ محمّدٍ صلىاللهعليهوآلهوسلم بصِدْق الأَنبياءِ ، وتَشْهَدُ عليهم بتَكْذِيبِهم ، ويَشهَدُ النَّبيُّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لهذه الأُمّةِ بصِدْقِهِم. قال أَبو منصور (٧) : والشَّهادةُ تكون للأَفضلِ فالأَفضلِ من الأُمّةِ ، فأَفْضَلُهم مَن قُتِلَ في سبيلِ اللهُ ، مُيِّزُوا عن الخَلْق بالفَضْل ، وبيَّن الله أَنَّهُم (أَحْياءٌ [عِنْدَ رَبِّهِمْ]) (٨) (يُرْزَقُونَ. فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) ثم يَتْلُوهُم في الفَضْلِ مَن عَدَّه النَّبيُّ صلىاللهعليهوآلهوسلم شَهِيداً ، فإِنه قال : «المَبْطُونُ شَهِيدٌ ، والمَطْعُون شَهِيد» قال (٩) : ومنهم أَن تموتَ المَرْأَةُ بِجُمْع. وقال ابن الأُثير : الشَّهِيد في الأَصل : من قُتِلَ مُجَاهِداً في سَبِيلِ اللهِ ، ثمّ اتُّسِعَ فيه فأُطْلِقَ على مَن سَمَّاه النَّبيُّ ، صلىاللهعليهوآلهوسلم ، مِن المَبْطُون والغَرِقِ والحَرِقِ وصاحِب الهَدْم وذاتِ الجَنْب وغيرهم. أَو لِسُقُوطِهِ على الشَّاهِدَةِ ، أَي الأَرضِ ، نقله الصاغانيُّ أَو لأَنّه حَيُّ لم يَمُتْ ، كأَنّه عِنْدَ رَبّهِ شاهدٌ ، أَي حاضِرٌ ، كذا جاءَ عن النَّضْر بن شُمَيْل. ونقله عنه أَبو داوود. قال أَبو منصور : أُراه تَأَوَّلَ قولَ اللهِ عَزَّ وجلُّ : (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي
__________________
(١) هي : فَرْخٌ وزَمْدٌ وحَمْلٌ عن هامش المطبوعة الكويتية.
(٢) سورة البقرة الآية ٢٨٢.
(٣) عبارة الليث في التهذيب : لغة تميم شهيد بكسر الشين يكسرون فعيلاً في كل شيء كان ثانيه أحد حروف الحلق ، وكذلك سفلى مضر ، يقولون : فعيل. قال : ولغةٌ شنعاء يكسرون كل فعيل ، والنصب اللغة العالية.
(٤) وهى أيضاً فى التهذيب واللسان.
(*) في القاموس المتداول : سأَلَهُ أن يَشْهَدَ بدل الشهادة.
(٥) سورة البقرة الآية ١٤٣.
(٦) في التهذيب : إذا سُئلوا عمن أرسلوا إليهم.
(٧) يفهم من التهذيب أنه من قول الزّجّاج. والشارح نقل عبارة اللسان.
(٨) زيادة عن التهذيب واللسان.
(٩) القائل هو الزّجّاج ، انظر التهذيب.
(*) في القاموس المتداول : لأن الله «تعالى» ...