معناه : وخَدَمَ الطّاغوتِ ، قال : وليس هو بجَمْعٍ ، لأَن فَعْلاً لا يُجْمَع على فَعُل ، وإِنما هو اسمٌ بُنِيَ على فَعُلٍ مثْل حَذُرٍ ، كما قاله الأَخفش ، قال الأَزهَرِيُّ : وأَما قول أَوْسِ بن حَجَرٍ :
أَبَنِي لُبَيْنَى لستُ مُعْتَرِفاً |
|
لِيَكُونَ أَلأَمَ مِنكُمُ أَحَدُ |
أَبَنِي لُبَيْنَى إِنَّ أُمَّكُمُ |
|
أَمَةٌ وإِنَّ أَباكُمُ عَبُدُ (١) |
فقال الفرّاءُ : إِنما ضمَّ الباءَ ضرورةً ، وإِنما أَراد عَبْدُ ؛ لأَن القصيدةَ من الكامِلِ ، وهي حَذَّاءُ. قال شيخُنا : فتنظيرُ المصنِّفِ عَبُداً بِنَدُسٍ مَحَلُّ نَظَرٍ. ومَعْبودَاءُ ، بالمَدِّ ، عن يعقوبَ في «الأَلفاظ» ، جج ، أَي جَمْع الجمْعِ : أَعابِدُ جمْع أَعْبُدٍ ، قال أَبو دُوَادٍ الإِياديُّ يصف ناراً :
لَهَنٌ (٢) كنَارِ الرَّأْسِ بال |
|
عَلْياءِ تُذْكِيهَا الأَعابدْ |
فغاية ما ذكَره المصنِّف من جموع العَبْدِ : خمسةَ عَشَرَ جَمْعاً.
وزاد ابن القطَّاع ، في «كتاب الأَبنية» : عُبُدَاءَ ، بضمّتين ممدوداً ، وعَبَدَة ، محرّكَةً ، ومَعْبُودَى ، مقصوراً ، وأَعبِدة ، بكسْر الموحَّدة وأَعْبَاد ، وعُبُود ، وعُبَّد ، بضمّ فموحّدة مشدَّدة مفتوحَة ، وعُبَّاد ، على وَزْنِ رُمَّان ، وعِبَّاد ، بكسر فتشديد ، وعِبِدَّه ، بكسر العين والباءِ وتشديد الدّال.
فهذه عشرةُ أَوْجُه ، صار المجموع خمسةً وعشرين وَجْهاً.
وزاد بعضٌ : العُبُودَة كصَقْر وصُقُورة.
وقد جَمَعَ الشيخُ ابنُ مالَكٍ هذه الجموعَ مختَصِراً في قوله :
عِبادٌ ، عَبِيدٌ : جمْع عَبْدٍ ، وأَعْبَدٌ |
|
أَعابِدُ ، مَعبُوداءُ ، مَعْبَدَةٌ ، عُبُدْ |
كذلِك عُبْدَانٌ ، وعِبْدَانٌ اثْبِتَنْ |
|
كذَاكَ العِبِدَّى وامدُدِ انْ شِئت أَن تَمُدّ |
واستَدركَ عليه الجلالُ السُّيوطيُّ في أَوّل شَرْحِهِ لعُقُود الجُمَانِ ، فقال :
وقد زِيدَ : أَعْبَادٌ ، عُبُودٌ ، عِبِدَّةٌ |
|
وخَفِّفْ بِفَتْحٍ ، والعِبِدَّانُ إِن تَشُدّ |
وأَعْبِدةٌ ، عَبْدُون ثُمَّتَ بَعْدَهَا |
|
عَبِيدُونَ ، مَعْبُودَى ، بِقَصْرٍ فخُذْ تَسُدْ |
وزاد الشيخُ سَيِّدي المَهْدِيُّ الفاسِيُّ شارِحُ «الدَّلائِل» قولَه :
ومَا نَدُساً وازَى كذَاكَ مَعَابِدٌ |
|
بِذَيْنِ تَفِي عِشْرِينَ واثْنَيْنِ إِن تَعُدّ |
قال شيخُنا : وأَجْمَعُ ما رأَيْتُ في ذلك لبعض الفضلاءِ في أَبياتٍ :
جُمُوعُ عَبْدٍ.عُبُودٌ ، أَعْبُدٌ ، عُبُدٌ |
|
أَعابِدٌ ، عُبَّدٌ ، عَبْدُونَ ، عُبْدَانُ |
عُبْدٌ ، عِبِدَّى ، ومَعْبودَا ، ومدُّهُما |
|
عِبِدَّةٌ ، عَبُدٌ ، عُبَّادُ ، عِبْدانُ |
عَبِيدٌ اعْبِدةٌ عِبَّادُ ، مَعْبَدةٌ |
|
مَعَابِدٌ ، وعَبِيدُونَ ، العِبِدَّانُ |
قال شيخنا : وللنَّظَرِ مَجَالٌ في بعْضِ الأَلْفاظِ : هل هي جموعٌ لِعَبْدٍ ، أَو جموعٌ لبعضِ جموعِهِ ، كأَعابِدَ ، ومَعَابِدَ.
ويُنْظَر في «عَبيدونَ» ، فإِن الظاهرَ أَنه جَمْعٌ لعَبِيد ، والعَبِيدُ جمع لِعَبْدٍ ، فيبقى النظر في جمْعِهِ جَمْعَ مذكّرٍ سالم (٣) ، فإِن هذا غيرُ مَعْرُوفٍ في العربيّة ، جمْع تكسيرٍ يُجْمَعُ جَمْعَ سَلامةٍ. والعَبْدُونَ كأَنَّه اعتبر فيه معنَى الوَصْفِيَّةِ الّتي هي الأَصْلُ فيه عِنْدَ سِيبَويْهِ وغيره.
والعَبْدِيَّةُ حكاه صاحب المُوعِب ، عن الفَرّاءِ والعُبُودِيّةُ والعُبُودَةُ بِضَمِّهِما والعِبَادَةُ بالكسر : الطَّاعةُ. وقال بعضُ أَئِمَّةِ الاشتقاقِ : أَصْلُ العُبُودِيّةِ : الذُّلُّ والخُضُوعُ. وقال آخَرُونَ : العُبُودَةُ : الرِّضا بما يَفْعَلُ الرَّبُّ ، والعِبَادَةُ : فِعْلُ ما
__________________
(١) قال الأَزهري : فإنه أراد : وإن أباكم عبد ، فثقله للضرورة ، فقال : عَبُدُ.
(٢) كذا ، ولعلها تحريف لهق بالقاف كما في المحكم ، واللهق الأبيض ليس بذي بريق.
(٣) كذا ، والصواب «سالماً».